من هو ابن كثير؟

هو إمام، ومُفسر، وفقيه، ومُحدث، ومؤرخ من أئمة المسلمين في القرن الثامن الهجري في عهد دولة المماليك.


وهو عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمرو بن كثير بن ضوء بن كثير بن زرع البصري ثم الدمشقي، الفقيه الشافعي، والإمام الجليل الحافظ، من أبرز العلماء والفقهاء والحُفاظ والمفسرين في عصره، وهو من تلاميذ الإمام تقي الدين ابن تيمية، وكان واليًا على مشيخة أم الصالح، ومشيخة الحديث الأشرفية بسبب نبوغه وسعة علومه ومعرفته، ويُصنف من الأئمة المتميزين من أهل المعاني والألفاظ، ناهيك عن مؤلفاته التاريخية المتنوعة، وأبرزها كتاب تفسير ابن الكثير.[١][٢]


مولد ابن كثير ونشأته

ولد ابن كثير بالقرب من قرية بصرى في عام 701 هـ/ 1301 م، وتوفي والده بينما كان صغيرًا، ويبلغ من العمر سنتين في عام 703هـ، وانتقل إلى مدينة دمشق برفقة شقيقه بينما كان في السابعة من عمره، وهناك لازم الفقهاء، والأئمة، وأهل العلم، والحديث، والشريعة، وأخذ عنهم وتشرب من معارفهم، فبرع واتسعت علومه وتميز مثلهم.[٢]


ثقافة ابن كثير وعلمه

كان ابن كثير واسع الاطلاع، غزير المادة والمعارف، بلغ من العلم أسمى درجاته، وأخذه من مصادره الموثوقة الكثيفة، فسمع وتعلم على أيدي أئمة عصره من الفقهاء والمشايخ والمُحدثين، وبرع في علوم التفسير والحديث النبوي والتاريخ، وكان كثير الاستحضار، صنّف وألف الكثير من الكتب خلال حياته، فانتفع بها الناس بعد وفاته، ويُعد من محدثي الفقهاء، ويرجع السبب في سعة معارفه إلى نشأته في عصر المماليك الذي سادته الأنشطة العلمية الغزيرة، المتمثلة بكثرة المدارس واتساع بؤرة العلم والتأليف، فتأثر ابن كثير بدوره بهذه العوامل، وانصرف لدراسة العلوم الشرعية المتمثلة بعلوم القرآن والسنة والفقه، واحتل فيه منزلة رفيعة.


وكان صاحب قيم متفردة في مؤلفاته، ينفر من الإسرائيليات والأخبار الواهية، ويبتعد عن كثرة اللغو وإبداء الآراء وإقحامها في تفسير القرآن الكريم، ويميل للرجوع إلى السنة، والتحقيق، والتدليل، والتدقيق بطريقة علمية، وتميز بمنهجه المشهور القائم على تمحيص الأخبار ونقد الأسانيد، بالإضافة إلى كثرة الاستقصاء والضبط والتحرّي، فقيل أنه كان إمامًا مُفتيًا، وفقيهًا مُتفننًا، ومُحدثًا بارعًا، ومُفسرًا ناقلًا، كثرت تصانيفه المفيدة، التي تجلت بوضوح لمن قرأ تفسيره أو تاريخه، فنال الصدارة في التاريخ والتفسير والحديث بين أئمة عصره.[٣][٤][٢]


أساتذة ابن كثير وشيوخه

سمع ابن كثير من العديد من الشيوخ والفقهاء المتميزين وقرأ عليهم، أبرزهم ما يأتي:[٥]

  • الشيخ برهان بن عبد الرحمن الفزاري المعروف بابن الفركاح وأخذ عنه الفقه.
  • عيسى بن المطعم.
  • أحمد بن أبي طالب المعمر المشهور بابن الشحنة.
  • القاسم ابن عساكر.
  • الشيخ جمال يوسف بن المزكي.
  • الإمام تقي الدين ابن تيمية.


أبرز مؤلفات ابن كثير

من أشهر مؤلفات ابن كثير ما يأتي:

  • كتاب البداية والنهاية: يُصنف كواحد من الكتب الموسوعية التي تضمن العديد من الأجزاء، ويعرض فيه ابن كثير التاريخ منذ بدء الخلق وحتى نهايته، مبتدئًا بخلق السماوات والأرض، والملائكة والنبي آدم، ومن ثم يقص أخبار الأنبياء وقصصهم، مُفصلًا الأحداث التاريخية من بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأسلوب التبويب على السنوات، ويختم في الجزء الأخير فيه الحديث عن علامات قيام الساعة، والتدرج حتى يوم الحساب.[٦]
  • كتاب طبقات الشافعية: يُعد هذا الكتاب من أبرز مؤلفات الإمام ابن كثير، ويندرج تحت نطاق مؤلفات التراجم، وما يرتبط بها من فروع الفكر الاجتماعي والثقافي، وله الكثير من الطبعات المختلفة.[٧]


كتاب تفسير ابن كثير

يُصنف هذا الكتب كواحد من أشهر الكتب الإسلامية العلمية في تفسير القرآن الكريم، والذي استعان الإمام ابن كثير في تدوينه بالكتاب والسنة النبوية، أي ما يُعرف بالتفسير المأثور أو تفسير القرآن الكريم، ومن جهة أخرى يذكر فيه الأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، والتابعين، ومُختلف الآثار والأقوال التي أسندها إلى أصحابها، فضلًا عن اهتمامه بعلوم اللغة العربية، والأسانيد ونقدها، وبيان أسباب نزول الآيات القرآنية، ويذكر القراءات المُختلفة أيضًا، ويعتني بالأحاديث النبوية، ويضم الأحكام الفقهية، وقد اختلف العلماء والنقاد حوله، فيرى البعض أنه يأتي في منزلة تلي تفسير الطبري، ويُفضله آخرون عليه.[٨]


وفاة ابن كثير

أصيب الإمام ابن الكثير بالعمى في أواخر مراحل حياته، وتوفي يوم الخميس الموافق 26-شعبان-774 هـ، عن عُمرٍ يُناهز 74 عامًا، ودفن في مقبرة الصوفية عند مُعلمه الإمام ابن تيمية.[١][٣]

المراجع

  1. ^ أ ب محمد حسين الذهبي، كتاب التفسير والمفسرون، صفحة 173. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت أبو الفداء اسماعيل بن كثير، طبقات الشافعية، صفحة 7. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد حسن الذهبي ، كتاب التفسير والمفسرون، صفحة 174. بتصرّف.
  4. أبو الفداء اسماعيل بن كثير، قصص الأنبياء، صفحة 8-9. بتصرّف.
  5. عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير ، كتاب قصص الأنبياء، صفحة 7. بتصرّف.
  6. أبو الفداء عناد الدين بن اسماعيل بن كثير، "كتاب البداية والنهاية"، مكتبة وكالة المخابرات المركزية، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2021. بتصرّف.
  7. أبو الفداء اسماعيل بن كثير، "كتاب طبقات الشافعية"، منظمة أرشيف، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2021. بتصرّف.
  8. عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، "تفسير القرآن الكريم لابن كثير"، مكتبة وكالة المخابرات المركزية، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2021. بتصرّف.