من هو ابن منظور؟

هو أديب لغوي، ومؤرخ، وشاعر، وعالم زاهد في فقه اللغة من أئمة أدباء ومؤلفي العصر الذهبي والعصر المُتأخر الحديث.


وهو محمد بن جلال الدين، مكرم بن نجيب الدين أبو الحسن علي بن أحمد الأنصاري الرويفعي الأفريقي، والمُلقب بابن منظور، واحدً من أئمة المؤلفين والمُختصرين والشاريحين من الأدباء العرب ممن عاشوا في عصر يزخر بالمؤلفات والموسوعات الكبيرة، فارتوى منها عذب المعرفة، وكان يعتكف على المُطالعة بنهَم، لينتقي نخبة الكتب التي تستحق الشرح والاختصار، أو التجميع، فلم يتوقف عن الكتابة طوال حياته، حتى وصل عدد مُصنفاته إلى 500 مُجلد، ورغم عطائه السخي وجهوده العظيمة إلا أن سيرته ونشاطاته العلميّة قليلة وغير وافية بالنظر لما وصل عنه من كتب ومؤرخات قديمة ومترجمة، لا تشرح أفكاره وجوانب شخصيته العلميّة والعقائديّة كما يجب.[١][٢]


مولد ابن منظور ونشأته

ولد ابن منظور في مدينة مصر عام 630 هـ/ 1332 م، فيما روى بعض المؤرخين أنه ولد في طرابلس لأسرة ليبيّة قديمة، إلا أنه نفى ذلك في كتابه لسان العرب، وأشادَ بأنه عربي النسب، ومن الأنصار الموالين للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وآله الكرام، وأنه من أحفاد الصحابي الجليل رويفع بن ثابت الأنصاري نقلًا عن جده نجيب الدين، وكان ابن منظور عربي الأصل بشعوره وثقافته ولسانه، وبتراثه العريق وانتمائه، ويرجع السبب في ذلك إلى أنه ترعرع في أسرة علميّة رفيعة المكانة، فجده أبو الحسن لُقِّبَ (بنجيب الدين) مما يدل على رفعته وأنه كان يتولى القضاء أو الكتابة، أما والده جلال الدين المُكرم فكان زاهدًا ومن أهل الفضل في العلم، الأمر الذي دفع العديد من المترجمين للتأريخ والكتابة عنه من أمثال الذهبي.[٣][٢]


ثقافة ابن منظور ومكانته العلميّة

تميّز ابن منظور بالعلم، والحفظ وسعة الاطلاع، وكان بارزًا بين علماء عصره، وقيل عنه أنه كان عارفًا باللغة، والنحو، والتاريخ، شغوفًا بالكتابة، وشديد الميل لها، وتميّز بقدرته على اختصار واعتصار الكتب الطويلة، وكانت هذه الميزة عظيمة في زمانه فكانت خلاصاته البديعة محطًا للإعجاب، ومن أسباب شهرته، خاصةً بعد أن ألف كتابه لسان العرب الذي جعله موسوعة ضخمة ومن ثم أعاد اختصاره كما فعل مع باقي الكتب للمؤلفين الآخرين.


كما تميز بقدرة عالية على الحفظ وبراعة نادرة وفذّة في التنظيم، وهذّب في معجمه مفردات المعاجم السابقة ورتبها ورفع الشوائب منها، وزاد عليها من العلوم والأخبار، ليفيد اللغة العربية في المجال المعجمي وفي مختلف المجالات العلمية الأخرى، كما تمتع بمكانة علميّة عريقة أهلته ليحتل مناصب رفيعة الشأن، فخدم في ديوان الإنشاء، ثم تولى القضاء في مدينة طرابلس، بالإضافة إلى رواية وكتابة الشعر، فكان سريع الحفظ، شديد الذكاء، سريع البديهة، واجتهد ليبلغ من العلم منازله العليا.[٤][٥]


أساتذة ابن منظور

تتلمذ ابن منظور على أيدي مجموعة من الأساتذة من مختلف المجالات، منهم:[٢]

  • ابن يوسف بن المخيلي.
  • عبد الرحمن بن الطفيل.
  • ومرتضى بن حاتم.
  • ابن المقير.


أشهر مؤلفات ابن منظور

من أبرز مؤلفات ابن منظور ما يأتي:[٦]

  • كتاب مُختار الأغاني والأخبار والتهاني: ألف ابن منظور هذا الكتاب ليكون اختصارًا لكتاب الأغاني الذي ألفه الأصفهاني، ورتبه بحسب حروف المُعجم، وفي الفترة بين عامي 1965-1966 طبع هذا الكتاب تحت إشراف الناقد الأديب طه حسين، وأخرج منه 8 مُجلدات، كما اختار ابن منظور الجزء الثالث من كتابه هذا ليشتق عنه كتاب أخبار أبي نواس، والمؤلف من جزئين.
  • كتاب سرور النفس بمدارك الحواس: اختصر ابن منظور هذا الكتاب عن كتاب أحمد بن يوسف التيفاشي المعروف باسم (فصل الخطاب في الحواس الخمس لأولي الألباب)، والذي كان يضم 40 مُجلدًا، ليختصره ابن منظور بكتابه بمجموع 10 مُجلدات، وفي عام 1980 م طبع هذا الكتاب على يد الناقد إحسان عباس.
  • مُختصر تاريخ دمشق: يرجع أصله لكتاب تاريخ دمشق لابن عساكر، والذي ألفه ليضم 48 مُجلدًا كبيرًا، ثم اختصره ابن منظور في كتابه بمجموع 29 جزءًا وطبع في دمشق بهذا المجموع.
  • تهذيب الخواص من درة الغواص: وهو من الآثار المخطوطة لابن منظور، ويرجع أصل هذا الكتاب للحريري، وقام ابن منظور بتهذيبه ورتبه بناءً على حروف المعجم.[٧]
  • لطائف الذخيرة في محاسن الجزيرة: يرجع أصل مُختصر ابن منظور هذا إلى كتاب ابن بسام، ويوجد الآن في مكتبة ولي الدين في الآستانة.[٧]


كتاب لسان العرب

وهو من أضخم المعاجم العربيّة، واتصف بالموسوعة، إذ اتبع فيه الأديب ابن منظور منهج (القافيّة)، أي الباب والفصل، فرتب الكلمات وفق المُعجم العربيّ من جذورها وبمراعاة الحرف الأخير لها، وعالج الكثير من القضايا اللغوية من خلال التوسع في الشرح والاستشهاد، وبلغت مواد موسوعة لسان العرب الضخمة حد الثمانين ألف مادة، والتي تجمع خمسة من أهم المصادر اللغوية التي تُساعد الباحث على إيجاد معارف متعددة، وقد تنوعت شواهد ابن منظور بتنوع مصادره، كما تعددت القضايا اللغوية التي عالجها واستشهد فيها،[٨] أما عن سبب تأليف مُعجمه فهو بغية حفظ أصول اللغة العربيّة التي وصفها بالنبوية، وضبط فضلها.[٩]


وفاة ابن منظور

يروي المؤرخون أن ابن منظور أصيب بالعمى في آخر فترات حياته، وعلى الرغم من ذلك فقد كان رجلًا بشوشًا ومن أصحاب البوادر والنكات، ومات في شهر شعبان عام 711 هـ/ 1311 م في مدينة مصر، كما دفن بها.[١٠][٢]

المراجع

  1. علي السالمي، رضا عرب البافراني ، ابن منظور من منظار آخر، صفحة 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث علي السالمي، رضا عرب البافراني ، ابن منظور من منظار آخر، صفحة 4. بتصرّف.
  3. بن علي بلعيدي، دراسة تحليلية لمقدمة معجم لــسان العــرب لبن منظــور، صفحة 19. بتصرّف.
  4. بن علي بلعيدي، دراسة تحليلية لمقدمة معجم لــسان العــرب لبن منظــور، صفحة 24. بتصرّف.
  5. قصي عبد الصمد عبد الحي ياسين، دراسة في معجم لسان العرب، صفحة 16. بتصرّف.
  6. بن علي بلعيدي، دراسة تحليلية لمقدمة معجم لــسان العــرب لبن منظــور، صفحة 26. بتصرّف.
  7. ^ أ ب بن علي العبيدي، دراسة تحليلية لمقدمة معجم لــسان العــرب لبن منظــور، صفحة 27. بتصرّف.
  8. صليحة بعطوش، لسان العرب لابن منظور، دراسة في الشواھد والمستویات اللغویة، صفحة 1. بتصرّف.
  9. صليحة بعطوش، لسان العرب لابن منظور، دراسة في الشواھد والمستویات اللغویة، صفحة 4. بتصرّف.
  10. ابن منظور، لسان العرب، صفحة 5. بتصرّف.