من هو الحسن البصري؟

هو إمام، وقاضي، ومحدث، ومن أبرز علماء التابعين في القرن الأول الهجري.


وهو الحسن بن أبي الحسن يَسار البصري، ويُكنى بأبي سعيد، وهو من الطبقة الوسطى من التابعين؛ إذ عاشر بعض الصحابة، وتلقى منهم العلم، وتأثر بهم، وسار على نهجهم، وقد امتاز بغزارة علمه، وخاصةً في علوم التفسير والحديث، كما كان واسع الاطلاع، وفصيح اللسان، وحلو المنطق، ودقيق الملاحظة للأمور الحياتية، ولمختلف الطبقات، وعوائدها، وأخلاقها، وعللها، وأدويتها أيضاً، وقد أهلته جميع هذه الفضائل والمواهب بأن يصبح علمًا من أعلام التابعين، وأن يكتسب شهرة واسعة، ومحبة الناس، فقد كان أهل البصرة إذا قيل لهم: من أعلم أهلها، ومن أورعهم، ومن أزهدهم، ومن أجملهم؟ بدأوا به، وثنّوا بغيره، وقد تولى الحسن البصري بعض الوظائف الهامة منها: كاتب في إمرة معاوية للربيع بن زياد متولي خُراسان، وقاضي في البصرة في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز.[١][٢][٣]


مولد الحسن البصري ونشأته

ولد الحسن البصري في عام 21 هجري، الموافق 641 ميلادي في المدينة المنورة، ووالده هو "يسار"، كان من سبي ميسان، وهي بلدة تقع بالقرب من البصرة، ثم صار مولى للصحابي زيد بن ثابت، أما والدته فهي "خيرة" وكانت أيضًا مولاة عند أم سلمة زوجة النبي عليه الصلاة والسلام.


نشأ الحسن البصري في بيئة دينية خالصة؛ وذلك بسبب اتصال والدته الوثيق بزوجات النبي عليه الصلاة والسلام، وتردده الدائم على بيوتهن، فكان يتعلم منهن الفقه النبوي، كما قضى مرحلة الطفولة والصبا في المدينة المنورة، وبين أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فكان يجلس في المسجد النبوي لحفظ القرآن الكريم، ودراسة أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وبعض أقوال الصحابة، بالإضافة إلى تعلمه الكتابة والحساب وهو ما زال في الرابعة عشر من عمره.


شهد الحسن الفتنة التي تسببت بانشقاق المسلمين، ومقتل الخليفة عثمان بن عفان في المدينة المنورة، وقد أثرت هذه الحادثة على حياته وشخصيته فيما بعد، إذ جعلته ينفر من الفتن نفورًا كاملًا طوال حياته، كما أنها تركت وقعاً في نفسه ودعمت تطبعه بصفتي الخوف والحزن، والذي عُرف بهما، ولازماه طوال حياته.[٤]


مسيرة الحسن البصري العلمية

انتقل الحسن البصري مع عائلته إلى البصرة في عام 36 هجري، وذلك أثناء خلافة الخليفة علي بن أبي طالب، وفي البصرة، عكف الحسن على تلقي العلم، وسعى إلى التعرف على الثقافات المختلفة والمتنوعة في العراق، إذ كان العراق في ذلك الوقت موطنًا للكثير من المِلل، والأهواء، والعقائد، فانتشر فيه السريان، الذين كانوا قد أنشأوا لهم مدارس قبل الإسلام لتدريس الآداب اليونانية، حيث كان في مدينة الحيرة يونان مثقفون، كما كان العراق ميدانًا للفتن والحروب بين بعض المذاهب الإسلامية، وقد ساهمت هذه الثقافات، والاختلافات بشكلٍ كبير في تكوين ثقافة الحسن البصري وشخصيته في مرحلة الشباب والنضوج.


تلقى الحسن البصري في مساجد البصرة الكثير من العلوم المختلفة مثل الفقه، واللغة، والآداب، والحديث، وقد أخذ التفسير عن ابن عباس، والقراءة عن الحطان، وطريقة التذكير والقصص عن ابن سريع، وغيرهم الكثير من كبار العلماء في ذلك العصر.[٥][٦]


صفات الحسن البصري

اتصف الحسن البصري بالعديد من الصفات الحسنة، فقد كان فصيح اللسان، ذو لفظٍ صحيح عند الموعظة، كما كان دائم الحزن، كثير البكاء، يتجنب التصنع، لا يظهر عليه التقشف، ويحرص على لبس أفضل الثياب، وشديد التواضع، فقد كان لا يتخلف عن مشاركة الناس الطعام، ولا يتأخر عن إجابة الداعي إلى الطعام.[٧]


الحكمة والموعظة عند الحسن البصري

من أهم ما يميز الحكمة والموعظة عند الحسن البصري هي أنها تجمع ما بين القوة والسهولة، كتلك التي اشتهر وعرف بها كلام الصحابة، وهي تتحدث بشكلٍ أساسي عن قُصر الحياة الدنيا، والخلود في الآخرة، وتحث على أهمية العمل الصالح، والتقوى، كما حذر الحسن في مواعظه من الغرور، وطول الآمال، والتعلق بالشهوات، وبالإضافة إلى ذلك، فقد صوّر في معظم مواعظه عصر الصحابة، وقارن بينه وبين عصره، ووصف التدهور الذي أصاب المجتمع الإسلامي في دينه وأخلاقه، وسيطرة حب المادة والترف عليه.[٨]


ومن مواعظه في هذا المجال ما يأتي:[٩]

  • "يا ابن آدم: عملك عملك، فإنما هو لحمك ودمك، فانظر على أيّ حالٍ تلقى عملك".
  • "غدا كلُّ امرئٍ فيما يهمه ومن همَّ بشيءٍ أكثر من ذِكره إنّه لا عاجلة لِمن لا آخرة له ومن آثر دنياه على آخرته فلا دنيا له ولا آخرة".
  • "من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه".
  • "حادِثوا هذه القلوب فإنها سريعة الدُّثُور واقرعوا النفوس فإنها خليعة وإنكم إن أطعتموها تنزل بكم إلى شرِّ غاية".


رأي العلماء في الحسن البصري

أثنى كبار العلماء على الحسن البصري ومدحوه؛ لِما له من فضل وعلم وتقوى، ومن الأمثلة على ذلك:[١٠]

  • قال أبو بُردة ابن أبي موسى الأشعري: "ما رأيت رجلًا قط لم يصحب النبي عليه الصلاة والسلام أشبه بأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام من هذا الشيخ" يقصد الحسن البصري.
  • قال عامر بن شراحيل الشعبي عن الحسن: "ما رأيتُ من أهل تلك البلاد رجلًا قط أفضل منه".
  • قال حُميد بن هلال: قال لنا أبو قتادة العدوي: "عليكم بهذا الشيخ - يعني الحسن بن أبي الحسن - فإني والله ما رأيت رجلًا قط أشبه رأيًا بعمر بن الخطاب منه".


وفاة الحسن البصري

توفي الإمام الحسن البصري مساء يوم الخميس من شهر رجب، في عام 110 هجري، في مدينة البصرة، وقد دفن بعد صلاة الجمعة في جنازة مهيبة، شارك فيها الكثير من الناس.[١١]

المراجع

  1. خالد بن إبراهيم بن محمد الحميدي، سيرة التابعي الجليل الحسن البصري، صفحة 19 3-4. بتصرّف.
  2. أبو الحسن الندوي، الحسن البصري، صفحة 9. بتصرّف.
  3. ابن الجوزي، الحسن البصري وزهده ومواعظه، صفحة 6. بتصرّف.
  4. مصلح بيومي، الحسن البصري حياته وصلته بالحكام، صفحة 111-113. بتصرّف.
  5. حماد حسين حسن محمود ، صفة الإمام العادل للحسن البصرى، صفحة 3355-3356. بتصرّف.