من هو الخليل بن أحمد الفراهيدي؟

هو شاعر، وأديب، وعالم في اللغة، ومُعلّم وإمام في النحو، وعلامة من علامات القرن الثامن الميلادي.


وهو الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن الفراهيدي الأزدي، ويُقال أنه الفرهودي الأزدي اليحمدي، وأن نسبه يعود إلى فرهود بن شبابة بن مالك بن فهم، وهو إمام بارز في علم النحو، ويُعد أول من استنبط علم العروض، وحصر أقسامه ضمن خمس دوائر، واستخرج منها خمسة عشر بحرًا، وزاد من بعده الأخفش بحرًا آخر، وسماه الخبب، وكان للخليل معرفة بالإيقاع والنغم ساعدته على استنباط علم العروض الذي يقاربه في المأخذ، كما كان شاعرًا وعالمًا في اللغة، ومن العلامات المميزين في عصره.[١][٢]


مولد الخليل بن أحمد الفراهيدي ونشأته

ولد الخليل بن أحمد الفراهيدي في مدينة عمان عام 100هـ/718م، لكنه عاش وترعرع في مدينة البصرة ما يُقارب 70 عامًا من عمره، وكان رجلًا يُحتذى به، ومثالًا للعفة والخلق الحسن وصدق القول، فكان فقيرًا يفيد الجميع بعلمه، ولا يأخذه سبيلًا لكسب المال كباقي تلاميذه، ولا يُؤْثر صحبة الملوك والأمراء.[٣][٤]


ثقافة الخليل بن أحمد الفراهيدي وعلمه

كان الخليل بن أحمد الفراهيدي إمامًا متواضعًا واسع الحكمة، ذا خلقٍ رفيع، واتسم بالزهد والورع، فضلًا عن ثقافته المتنوعة، وعلمه الغزير، واطلاعه على مُختلف العلوم، منها: علم الرياضيات، والموسيقى التي ألف فيها كتاب النغم، وكتاب النغم واللحون، إضافةً لعلم العروض الذي شَهد على براعته في اللغة والشعر، إذ يُعد مؤسس هذا العلم، إضافةً لبراعته في نقط الحركات، وتوصله إلى تغيير صيغة الحركات التي وضعها أبو الأسود الدؤلي من صورة النقط إلى صورة الحركات، فجعل للضمة واوًا صغيرة فوق الحرف، وللفتحة ألفا مبطوحة فوق الحرف، وللكسرة ياءً متصلة تحت الحرف.[٥]


الخليل بن أحمد الفراهيدي وعلم العروض

وضع الفراهيدي علم العروض، وهو علم موازين الشعر الذي لم يسبقه فيه أحد، ويُروى أنه خلال مروره بالسوق سمع وقع مطرقة النحاس تضرب آنية نحاسية فظلّ إيقاعها عالقًا في ذهنه، وعندما عاد إلى داره بقي مُعتكفًا فيها يعمل بجهد على ضبط أوزان الكلام والشعر، وخرج بخمسة عشر بحرًا جرت عليها المنظومة الشعرية منذ القدم، وحتى عصرنا الآن، وتميّز بها الشعر عن الكلام العامي وغيره من فنون الكلام، وبهذا يكون صاحب الفضل في حفظ الأشعار العربية من الاختلال، فضلًا عن إثراء اللغة، وجعلها مميزة عن غيرها، ومن هنا أصبح الإمام الفراهيدي مؤسس علم العروض وصاحب البحور الخمسة عشر، والتي زاداها الأخفش بحرًا لتصبح ستة عشر من بعده.[٢][٦]


أشهر أساتذة الخليل بن أحمد الفراهيدي

تتلمذ الخليل بن أحمد الفراهيدي على يد نخبة من المعلمين أبرزهم؛ أبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر الثقفي.[٤]


أبرز مؤلفات الخليل بن أحمد الفراهيدي

هناك العديد من المؤلفات التي تعود إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولكن العديد منها فقد، وأبرز مؤلفاته ما يأتي:[٧]

  • كتاب العروض: وهو الكتاب الذي أحاط بمُختلف مُصطلحات الإمام الخليل حول علم العروض الذي أسسه، والذي أجمع جميع العلماء على نسبه الصحيح له، وذكره المؤرخون في عدة كتب لكنه فُقد.
  • كتابا الإيقاع والنغم: وهما كتابان في الموسيقا، ألفهما الإمام الخليل العارف في الإيقاع والنغم، إذ ساعداه في تأسيس علم العروض والقافية، وذكر ابن النديم هذين الكتابين، لكنهما من ضمن الكتب المفقودة للفراهيدي.
  • كتاب الجُمل في النحو: يضم الفراهيدي في كتابه هذا جملة الإعراب، ويجمع فيه مُختصر النحو من الرّفع وَالنّصب والجزم والجر، بالإضافةِ إلى جُملة الألفات، واللامات، والتاءات، والهاءات، والهمزات، والواوات، وبيّن معنى كل منها في بابه مُضيفًا حِججًا من القرآن الكريم، وشواهد من الشعر، ويبدأ فيه بالنصب كونه أكثر الإعراب وجوهًا وطرقًا.[٨]


كتاب العين

وهو مُعجم منسق للغة العربية، اعتمد الإمام الفراهيدي في بنائه على ما قدمه علماء الصرف من قبل في حصر مصادر الكلمات بحسب حروفها؛ ثنائيةً، أو ثلاثيةً، أو رباعيةً، أو خماسيةً، ووضعها مجردة دون زيادة، ثم أعاد تصنيفها بحسب التقلبات والزيادات، كما دعّم شرح المادة اللغوية في الكتاب مُستشهدًا بشواهد من القرآن الكريم، والسنة النبوية، والشعر الفصيح، ويعتمد ترتيب المعجم على مخرج الحرف من أعمق نقاظ الحلق مرورًا بحركة اللسان، وانتهاءً بأطراف الشفاه، وأول حرف فيه هو العين، وآخرها حرف الميم، ويتبعها حروف العلة الجوفية، ويعود أصل الكتاب وحقوق تأليفه للإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي، لكنه لم يتمه قبل وفاته، وأتم ترتيبه الليث بن المُظفر الليثي الكناني. [٥]


من أشهر أبيات الخليل بن أحمد الفراهيدي

كان للإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي ولدٌ اسمه عبد الرحمن، وبينما كان الخليل يُقطّع أبيات الشعر، ويزِنها ليستخرج البحور، ويُكمل تصنيف علم العروض، دخل عليه ابنه، وسمعه يُتم كلامًا لم يفهمه بحكم جهله، فخرج للناس وصرخ قائلًا "أبي قد جُنَّ" ودخل الناس على الخليل، وتجمعوا حوله فأخبروه بما قال ولده، فخاطبه بأبيات من الشعر قائلًا: [٩]

  • لو كنت تعلمُ ما أقولُ عذرتني ** لو كنتَ تعلم ما تقولُ عذلتُكَ.
  • لكنّ، جَهِلتَ مَقالتي فعذلتَني ** وعلمتُ أنكًّ جاهلٌ فعتذرتكَ.


وفاة الخليل بن أحمد الفراهيدي

توفي الخليل بن أحمد الفراهيدي في مدينة عُمان بتاريخ 170هـ/786م إثر حادثة وقعت له بالصدفة، إذ اصطدام رأسه بعامود لم يكن مُنتبهًا له فوافته المنية بسببه، وكان يبلغ من العمر 70 عامًا.[١٠]


المراجع

  1. ابن خلكان، كتاب وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، صفحة 244. بتصرّف.
  2. ^ أ ب جمال الدين القفطي، كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة، صفحة 376. بتصرّف.
  3. حاتم صالح الضامن ، ضياء الدين الحيدري، شعر الخليل بن أحمد الفراهيدي، صفحة 4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حيدر غضبان محسن الجبوري (17-4-2012)، "الخليل بن أحمد"، جامعة بابل، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب الخليل بن احمد الفراهيدي، "كتاب العين"، تراث الأنبياء، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-2021. بتصرّف.
  6. دكتورة سناء شعلان، الخليل بن أحمد الفراهيدي أبو العروض والنحو، صفحة 9-10. بتصرّف.
  7. د محمد عبد الفتاح العمراوي، المؤلفات المنسوبة للخليل بن أحمد الفراهيدي وحقيقة نسبتها إليه، صفحة 10. بتصرّف.
  8. الخليل بن أحمد الفراهيدي، "كتاب الجمل في النحو "، كتابيديا، اطّلع عليه بتاريخ 4-6-2021. بتصرّف.
  9. دكتورة سناء شعلان، الخليل بن أحمد الفراهيدي أب العروض والنحو، صفحة 11. بتصرّف.
  10. حاتم صالح الضامن ، ضياء الدين الحيدري، شعر الخليل بن أحمد الفراهيدي، صفحة 4-5. بتصرّف.