بيكاسو

من هو بيكاسو؟

هو فنان تشكيلي، ورسام، ونحات بارز من المساهمين في الحركة الفنيّة الحديثة في القرن العشرين.

وهو بابلو دييغو خوسيه فرانسيسكو دي باولا بيكاسو، يُعرف ببابلو بيكاسو، وهو فنان إسباني الأصل، يُصنفه الكثير من الفنانين والنقاد كأهم شخصية ذات تأثير عميق وملموس في الفن الحديث في القرن العشرين، فقد تميز بأسلوبه الإبداعي وأصبح أيقونة الفن والجمال، وحظي بالكثير من الإعجاب؛ إذ قدّم خلال مسيرته الفنية مايزيد عن 20000 عملًا فريدًا من نوعه بين لوحات ومنحوتات، وتحف خزفية من السيراميك وغيره، ناهيك عن براعته في الأزياء والمجموعات المسرحية وغيرها.^[١][٢][٣]

مولد بيكاسو ونشأته

وُلد بيكاسو في مدينة مالقا في إسبانيا في تاريخ 25-10-1881 م، وهو نجل أستاذ الرسم خوسيه رويز بلاسكو، أما والدته فتدعى ماريا بيكاسو لوبيز، وقد تميّز بيكاسو وظهرت مهاراته الإبداعية بعمر 10 سنوات بعد أن تتلمذ على يد والده، وانتقل مع أسرته إلى كورونيا فاستثمر والده في موهبته وساعده في إقامة معرضه الأول وهو في عمر 13 عامًا.^[٤][٢]

ثقافة وتعليم بيكاسو ومسيرته الفنية

التحق بيكاسو بأكاديمية الفنون المحلية بعد انتقال أسرته إلى برشلونة، وفي عام1897 بدت شهرته في إسبانيا تزداد خاصة بعد أن كُرّم في معرض الفنون الجميلة في مدريد على لوحة أسماها حصل العلم والإحسان، وانتقل إلى مدريد ودخل هناك الأكاديمية الملكية في سان فرناندو لكنه لم يجد فائدة في التعلم فيها فآثر السير في المدن والشوراع والمقاهي والاطلاع على أعمال الفنانين الآخرين، ثم ذهب إلى باريس لأول مرة في عام 1900، وفي عام 1901 أقام معرضًا في شارع لافيت قدّم فيه لوحته العصريّة المميزة (اللحظات الأخيرة) وغيرها من الأعمال الفريدة من نوعها.

اجتهد بيكاسو في باريس على البحث مُحاولًا تطوير موهبته وفنّه والتعرّف أكثر على الأنماط الفنية الشائعة، لاستثمارها في خلق فن تشكيلي خاص به يحمل انطباعه الشخصيّ الذي يتقدم أكثر في كل مرحلة، وذلك من خلال دراسته الأعمال الفنيّة للفنانين التشكيليين البارزين الذين قدموا نمطًا حديثًا للمادة والشكل واللون، ومنهم: تولوز لوتريك، وكوخ، وبونار، وديغا، وسيزان، فساعده ذلك في تمثيل الحياة الواقعية للإنسان، وزاد تأثره بالفن التقليدي الإسباني، واستفاد من التجارب العصرية مصورًا الأشكال الطبيعية بمفهوم أكثر حداثة، ومن أبزر تحفه الفنيّة حينها كانت لوحته الأسطح الزرقاء، ولكن مسيرته الفنية أخذت العديد من المنحنيات ومرت بمراحل عديدة خاصة بعد أن شهد مآسي الحرب العالمية الثانية، وكُرم خلال حياته بجائزة لينين الدولية للسلام مرة في عام 1950، ومرة أخرى عام 1961.^[٢][٤][٣]

المراحل الفنيّة لمسيرة بيكاسو

مرّت مسيرة بيكاسو الفنيّة بعدّة مراحل متنوعة وهي:

المرحلة الزرقاء

غلب اللون الأزرق على أعمال بيكاسو ولوحاته في هذه المرحلة، فكانت تتدرج بين الأزرق الداكن والليلي الغامض مُستخدمًا إياها لتصوير حياة المتشردين والفقراء ومعاناتهم، وإظهار أعماق الشخصيات مُعبّرًا بحرفية عن الوحدة التي يعيشها هؤلاء الأفراد، كما اتخذ مقرًا في باريس سمي باتو لافوار وكان يتردد عليه أدباء وفنانون عريقون منهم أبولينير، وماكس جاكوب، وغيرهم، ومن أبرز لوحات بيكاسو في هذه المرحلة لوحة لاعب السيرك مع الطابة، ولوحة الحياة.^[٤][١][٥]

المرحلة الوردية الزرقاء

أدرج بيكاسو في هذه المرحلة اللون الوردي الذي يُصور الشغف وحب الحياة رغم المعاناة فيها، مع إبقاء الأزرق المتمركز في الخلفية، فانتصرت الألوان الدافئة على الباردة، وبرز أسلوب المعالجة الرمزية التي تشرح معاني اللوحات بالرموز الشكلية واللونية، وتميز أسلوبه الفني بالابتعاد عن المظهر الخارجي للأشكال وخلق كيان ووجود مستقل للوحة، مُستفيدًا من النحت الإسباني والإفريقي، وركّز على وحدة المكان والزمان والهدف من اللوحة تحت مضمون إنساني عميق مُبالغًا في التشويه، ومُصورًا معاناة النساء ومُعلنًا بلوحاته الثورة التكعيبيّة المؤثرة، ومن أبرز أعماله كانت: لوحة فتيات أفينيون، والعاريتان، ورجل يقود حصاناً.^[٤][١][٥]

المرحلة التكعيبية

تأثر بيكاسو بسيزان وبالتماثيل الإفريقية، واستنتج أهمية التحليل المعماري والهندسي في أعماله، وتقرّب من جورج براك الذي تشارك معه تجاربه وذخيرته الفنية وخبراته فتعلم تحريف الشكل وإعادته إلى الشكل الهندسي المعماري القريب له، وخلق كيان مُستقل للوحة من خلال البحث عن القيم الثابتة في الأشكال بدلًا من المتغيرات، كأشكال المكُعبات ومتوازي المستطيلات، والهرم وغيرها، وذلك بعد دراسة وتحليل الواقع واستنتاج حلول فنيّة جديدة له مع الحفاظ على جوهره المعماري، وكانت ألوان اللوحات تتمحور حول الأخضر، والبني، والرماديات الداكنة، ومن أبرز أعماله حينها لوحة بيوت في سانتا بربارة.^[٤][١][٥]

المرحلة التكعيبية التركيبية

استفاد بيكاسو من التجارب التحليلية السابقة وأعاد تأليف لوحاته مُستخدمًا شتى المواد المتاحة لإنتاج أعماله، ومُعتمدًا على مواد جديدة تواكب التطورات الفنية التي تحدث في عصره، كاستخدام قصاصات الصحف، والملصقات، وتعديل التصوير الزيتي، وظهر مفهوم تقنية اللصق(Collage)، وهي أن يستطيع الفنان أن يبدع لوحته بأي مادة، وكان من أبرز أعماله الفنية في هذه المرحلة لوحة أرلكان.^[٤][١][٥]

المرحلة الواقعية الحديثة

عاد بيكاسو في هذه المرحلة لواقعيته الفنية المتميزة لكن بأسلوب حديث، مثل تصويره المفهوم الاتباعي الحديث الخاص فيه، وصوّر خلالها الكثير من اللوحات مُتأثرًا بالفنانين السرياليين لوهلة لكنه لم يكن يؤمن أن الفن يُمثّل اللاوعي بطريقة مباشرة، بل أدرك أهمية التجديد والحداثة ضمن إطار إنساني واعي، فقدّم أعمال فنية عظيمة وأشكال متنوعة متجددة من اللوحات المحفورة على الحجارة والمعادن وصقل الخزف ببراعته وأسلوبه الفريد من نوعه.^[٤][١][٥]

لوحة غرنيكا (Guernica)

وهي لوحة عالميّة رسمها بيكاسو بعد نبأ القصف الجوي الألماني الذي استهدف بلدة غارنيكا والتي سميت اللوحة على اسمها، مُشيرًا في قطعته الفنيّة إلى وحشية الإرهاب ولوعة الحرب وقسوتها ومُناديًا بوقفها، ومن جهة أخرى، فقد امتازت اللوحة بألوانها الصامتة وزخارفها القويّة وضخامتها التي مثلت شهادة صريحة من بيكاسو على الخوف والرعب الشديد الذي خلقته الحرب الأهلية الإسبانيّة في نفوس الناس، بالإضافة لتحذير صريح من الحرب العالميّة الثانيّة وأثرها المأساوي والمدمر، وتتواجد هذه اللوحة الآن في مُتحف رينا صوفيا في مدريد.^[٦]

أشهر أقوال بيكاسو

من أشهر أقوال بيكاسو ما يأتي:^[٧]

• كل طفل هو فنان، لكن المشكلة هي كيف يظل فنانًا بمجرد أن يكبر.
• الفن يغسل من الروح غبار الحياة اليومية.
• تعلم القواعد مثل المحترفين؛ حتى تتمكن من كسرها مثل الفنان.

وفاة بيكاسو

توفي بيكاسو في مدينة موجينز في فرنسا في تاريخ 8-4-1973 م، وكان يبلغ من العمر 91 عامًا.^[٤][٢]