من هو سيبويه؟

هو أديب، وعلامة في النَّحوِ واللغة من أئمة المسلمين في القرن الثامن الميلادي في العهد العباسي.


وهو أبو بِشْرٍ عَمرو بن عثْمان بن قَنْبَر الفَارِسِيّ، ثُمَّ البَصْرِيّ، أديب نحوي فارسي الأصل، أما عن سبب شهرته بسيبويه، فقيل إنه بسبب جمال ملامحه وطيب رائحته ولُطفه، ومعنى سيبويه التفاح طيب الرائحة، ومن جهة أخرى، فقد تفقه سيبويه وطلب الحديث مدّة من الزمن، ثم أقبل على اللغة العربية، فغدا أعلم المتقدمين والمتأخرين في علوم النحو، وبرع وساد أقرانه وأهل عصره، وتتلمذ على يد نخبة من الشيوخ وأهل العلم واللغة والنحو حينها، وألّف كتابه الكبير الذي تم اعتباره مرجعًا أساسيًا للنحو على مر الزمان.[١][٢]


مولد سيبويه ونشأته

يجهل المؤرخون تاريخ ولادة إمام النحو سيبويه، أو حتى مراحل طفولته ونشأته الأولى، لكنه فارسيّ الأصل، وأغلب الظن أنه وُلد في مدينة البيضاء، التي تُعد من أكبر مدن بلاد فارس وأشهرها، وهاجر برفقة أهله إلى البصرة التي كانت منشأ الحضارات الإسلامية، ومن أعرق المدن، وأكثرها ازدهارًا للثقافة، وأقلها عرضةً للثورات والفتن، وكانت الدراسة الإسلامية فيها تُقسم إلى طائفتين، الدينية التي تتعلق بالفقه، والحديث، والتفسير والقراءات، والأدبية التي تضم اللغة، والصرف، والنحو، والشعر، وغيره، فطلب من بينها العلوم الدينية قبل أن ينصرف للعلوم الأدبية ويُبدع فيها.[٣][٤]


تعليم سيبويه

لم يُذكر على مر التاريخ بالتفصيل كيف بدأ سيبويه طلبه للعلم، لكن أشار العديد من المؤرخين إلى أنه لم يطلب ويتعلم النَّحو أوَّلًا، وإنما تفقه فغاص في علوم الفقه والآثار التي تتضمن الحديث وتاريخ الغزوات، ومن بعدها شرع في تعلم النحو، وهو ليس بالأمر الغريب على الأئمة القدماء، فكان من المألوف أن يدرس العالم أو الأديب ما يُشعره بالنقص في ثقافته ليُكمل هذا النقص، أو ليُظهر من خلال المادة الجديدة التي تعلمها مواهبه المدفونة، لينبغ ويتميز بين أقرانه، فكان سيبويه من الأعلام المُتفردين في عصره فلم يكتفِ بتعلم الفقه والآثار والنحو، وإنما تزوّد وضَرَب في كلِّ علم من علوم عصره بسهم، وقد مدحه ابن عائشة فقال عنه إنه تزوّد من كل علم وأدب، وتميز وانفرد بعلم النحو، وهذا رغم حداثة سنّه، وهو ما يُلقي الضوء على منهجه التعليمي، ويُشير إلى أنه كان يعتمد ويميل للتطبيق العملي إلى ما يُلقيه من نظريات وقواعد، بالإضافة إلى أنه عالم بارز في اللغة، وهو ما تجلى بوضوح في كتابه العريق الذي خلّفه وراءه، والذي ضمت فصوله وأبوابه من الصرف غريب الكلمات التي تُشير إلى خبرته ومحصوله الكبير الذي جمعه خلال حياته في علوم اللغة.[٣][٤]


أشهر أساتذة سيبويه

تتلمذ سيبويه على يد نخبة من علماء اللغة والنحو منهم:[٥]

  • الخليل بن أحمد الفراهيدي.
  • عيسى بن عمر.
  • يونس بن حبيب.
  • أبو الخطاب المعروف بالأخفش الأكبر.
  • حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ.


كتاب سيبويه

يُعد كتاب سيبويه موسوعة نحوية ضخمة أصلية، تضم في جعبتها جملة واسعة من علوم اللغة، مثل: النحو، والصرف، والأصوات اللغوية، وغيرها، ويُشير المُترجمون إلى أن الإمام سيبويه اعتمد في كتابه على مصادر العلماء السابقين في هذا المجال، بالنظر لضخامة الكتاب وشمولية محتواه، وقد قال البعض إنه مُستوحى من كتاب الجامع للإمام عيسى بن عمر، كما قال آخرون إنه مزيج من أقوال ومعارف أئمة اللغة في زمان سيبويه، مثل: الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقد وردت أقواله وآراؤه بشكل بارز في الكتاب، بالإضافة إلى الإمام يوسف بن حبيب البصري، والشاعر الأصمعي، وأبي الخطاب الأخفش، وأبي عمرو بن العلاء، وعبد الله بن أبي إسحاق، وغيرهم.


ومن جهة أخرى، يمتاز الكتاب بخلوّه من الخطبة أو الخاتمة، وإنما ميّزه الإمام سيبيويه بالاستشهاد بالقرآن الكريم، مما يجعله دون شك القمة في الفصاحة والبلاغة، إضافةً لاستشهاده بالحديث النبوي الشريف لكن بصورة قليلة، كما استشهد بأشعار شعراء عصر الاحتجاج، وبأمثال العرب، وكلام العرب الفصحاء، ولكنه في الوقت نفسه تميّز بإيجاز العبارة وغموضها، فيجعل القارئ بحاجة للوقوف عندها طويلاً حتى يدرك مقصد سيبويه، لكن من حيث ترتيب الكتاب، فهو يفتقد للترتيب المنظم في الأبواب، كما أنه عندما يعرض فيه قاعدة معينة، يضرب أمثلتها ويمزجها بالتعليلات، ثم يبين وجه القياس ويعرض عدة آراء حول الموضوع، ثم يفضل ويرجح بعضها على بعض، كما يفترض فروضًا يضع لها أحكامها وأسبابها في بعض الأحيان.[٦]


وفاة سيبويه

اختلف المؤرخون حول وفاة سيبويه تمامًا كما اختلفوا حول ولادته، وقيل إنه توفي إما في شيراز، أو في البيضاء، أو البصرة، وذلك في الفترة ما بين 161-194هـ.[٣]

المراجع

  1. محمود فوزي عبد هللا الكبيسي، سيبويه بعيون أندلسية، صفحة 2. بتصرّف.
  2. ابن خلكان، كتاب وفيات الأعيان، صفحة 463. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت سامي عوض، سيبويه ومؤلفه في النحو، صفحة 2-3-4-7. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سيبويه، كتاب سيبويه، صفحة 9-10-11-12. بتصرّف.
  5. شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 351. بتصرّف.
  6. "كتاب سيبويه"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 3-7-2021. بتصرّف.