السموأل

شاعر جاهلي حكيم، اشتهر بوفائه وشعره الموزون.


السموأل بن غريض بن عادياء الأزدي، هو شاعر من العصر الجاهلي، اشتهر بشعره الفريد ولغته العربية المُتقنة والتي يتخللها الكثير من الإبداع، اشتهر بوفائه وبأخلاقه الحسنة، ومن أشهر أعماله لاميته الشهيرة التي كتب في مطلعها "إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه، فكلُّ رداء يرتديه جميل"، سكن السموأل في مدينة خيبر التي تقع شمال المدينة المنورة، وكان هل حصن أطلق عليه اسم "الأبلق"، كان يتنقل في عيشه بين خيبر وحصنه الأبلق،[١] وكان يستضيف العرب في حصنه ويحسن ضيافتهم، وأكثر ما اشتهرَ به السموأل هو الوفاء، وله قصة وفاء حكى بها العرف وما زالت يُحكي إلى اليوم، إذ فضّل السموأل مقتل ابنه على أن يفرّط بالأمانة التي وضعها عنده امرؤ القيس.[٢]


حياة السموأل المبكرة ونشأته

لا يُعرف الكثير عن حياة السموأل، ولا يوجد تاريخ دقيق لمولده ووفاته ولكن يُقال إنه عاصر الأعشى، وفيما يخص تاريخ وفاته فيرجّح أنه توفي في سنة 560 ميلاديًا،[٢] ويُقال إنه عاش في النصف الأول من القرن السادس الميلادي بين 500 و 560 ميلاديًا، أي قبل ظهور الإسلام،[٣] وهو من أصل يهودي، كان حسن الخلق، توفرت فيه صفات حسنة كثيرة، وكان شاعرًا مهمًا في شعراء العصر الجاهلي، وكان له أخ شاعر أيضًا، وله ابن يدعى شريحا، ويُقال إن الأعشى مدح شريحا ابن السموأل في شعره، وهو الولد الذي فقده بسبب وفائه لامرئ القيس تجنبًا للتفريط بأمانته،[٢] وحتى أبوه كان شاعرًا، وجدّه هو عادياء، وهو الذي كان يملك حصن الأبلق الذي كان يستخدمه السموأل ويستضيف فيه العرب.[٤]


وفاء السموأل

السموأل هو مثال الوفاء عند أهل عصره، فقد فضّلَ أن يسلّم ابنه للقتل بيديه على أن يفرط بالأمانة التي أودعها عنده امرؤ القيس، والتي كانت عبارة عن دروع،[٤] أما عن قصتها، فهي دروع كانت متوارثة لدى ملوك كندة، أعطاها امرؤ القيس للسموأل ليخبئها عنده، بعد أن أخذها من ملوك كندة بعد عجزه عن الثأر منهم لمقتل أبيه، وقبل أن يذهب امرؤ القيس إلى قيصر الروم ليستنجد به، ذهب إلى السموأل وأعطاه الدروع وأودعها أمانة عنده وذهب، وبعد فترة من الزمن جاءه أحد أمراء كندة الذي كان له ثأر مع امرؤ القيس، وطوّق حصن السموأل بعد أن علم أن الدروع موجودة عنده، وقال له إنه لن يغادر الحصن حتى يحصل على الدروع، وهو ما رفضه السموأل ورفض أن يسلّم الأمانة التي أودعت لديه، وبقي الحصار لفترة طويلة حتى جاء ابن السموأل إلى الحصن بعد الانتهاء من رحلة صيد، ورأي الأمير أنها فرصة لإرضاخ السموأل، فقبض على ابنه وهدده به، وخيّره بينه وبين الدروع، ومع هذا رفض السموأل أن يسلم الأمانة فما كان من الأمير إلا أن يذبح ابنه أمام الحصن وعاد إلى قصره دون أن يحصل على الدروع، وبهذا قال السموأل: "وفيتُ بأدرعِ الكنديِّ إني، إذا ما خان أقوامٌ وفيتُ".[٣]


مختارات من قصائد السموأل

ما وصل إلينا من قصائد السموأل قليل، ومن أشهر قصائده ما يسمى بلامية السموأل، وهي قصيدة من الشعر العربي الكلاسيكي، كتب فيها عن الكرم والشرف والقوة، وكتب قصائد أخرى منها ما كان يمجد حصنه، ومنها ما سردَ قصته مع امرئ القيس،[٥] وفيما يأتي بعضًا من أشهر أبيات قصائد الشاعر السموأل:[١]


قصيدة إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه

إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ

فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ


وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها

فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ


تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا

فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ


وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا

شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ


وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا

عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ


لَنا جَبَلٌ يَحتَلُّهُ مَن نُجيرُهُ

مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهُوَ كَليلُ


رَسا أَصلُهُ تَحتَ الثَرى وَسَما بِهِ

إِلى النَجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طَويلُ


هُوَ الأَبلَقُ الفَردُ الَّذي شاعَ ذِكرُهُ

يَعِزُّ عَلى مَن رامَهُ وَيَطولُ


قصيدة اسلم سلمت ولا سليم على البلى

اِسلَم سَلِمتَ وَلا سَليمَ عَلى البِلى

فَنِيَ الرِجالُ ذَوُو القُوى فَفَنيتُ


كَيفَ السَلامَةُ إِن أَرَدتُ سَلامَةً

وَالمَوتُ يَطلُبُني وَلَستُ أَفوتُ


وَأُقيلُ حَيثُ أَرى فَلا أَخفى لَهُ

وَيَرى فَلا يَعيا بِحَيثُ أَبيتُ


مَيتاً خُلِقتُ وَلَم أَكُن مِن قَبلِها

شَيئاً يَموتُ فَمُتُّ حَيثُ حَيِيتُ


وَأَموتُ أُخرى بَعدَها وَلَأَعلَمَن

إِن كانَ يَنفَعُ أَنَّني سَأَموتُ


المراجع

  1. ^ أ ب " معلومات عن السموأل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 5/3/2023. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "السموأل بن عاديا"، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 5/3/2023. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "قصة وفاء السموأل لامرئ القيس"، رسالة الجامعة، اطّلع عليه بتاريخ 5/3/2023. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "السموأل الأزدي"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 5/3/2023. بتصرّف.
  5. "SAMUEL IBN ʿĀDIYĀ", encyclopedia, Retrieved 5/3/2023. Edited.