من هو ابن تيمية؟

هو إمام الأئمة في التفسير، وسيد الحفاظ، وهو مفتي، وفقيه.


وهو تقي الدين أبو العباس أحمد بن الإمام شهاب الدين عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني، شهرته "ابن تيمية"، وملقب بشيخ الإسلام، وصاحب تصانيف عديدة التي لم يسبق لها أحد مثله.[١][٢]


مولد ابن تيمية

ولد شيخ الإسلام ابن تيمية عام 661 هجريًا، وذلك في مدينة حران، التي خرج منها إلى الشام، وكان والده الشيخ العالم والإمام "شهاب الدين عبد الحليم"، وهو مفتي وإمام في جامع دمشق، وولي مشيخة دار الحديث "السكرية"، أما والدته، فهي الشيخة "ست النعم بنت عبد الرحمن بن علي الحرانية"، لها من الأولاد أربعة، إلى جانب الشيخ ابن تيمية.[١]


هاجر ابن تيمية مع عائلته من حران إلى دمشق، وهو ابن السبع سنوات خلال عام 667 هـ، بسبب التتار وجورهم آنذاك، وطلبًا للأمان، وبذلك اتجه إلى العلم ليأخذ مكان والده في التدريس في "دار السكرية".

[٣]


ثقافة ابن تيمية وعلمه

عُرف ابن تيمية رغم صغره سنه بسرعة حفظه لما يقرأه، فحفظ كتاب الله وهو صغير، واهتم بالعلم في شتى المجالات، مما دعم ذلك؛ البيئة الخصبة بالعلم المحيطة به، فقد تلقى تعليمه الأول على يد والده الإمام والمفتي الحافظ عبد الحليم، فحفظ القرآن وهو صغير، وأخذ السنة والآداب الإسلامية حتى أنه ناظر العلماء بما كان يثير حيرتهم منه، لينتقل إلى دراسة الفقه وعلوم اللغة العربية وتفسير القرآن، إضافة إلى علوم الجبر والحساب، وهو في سن صغيرة، إذ تولى مهام والده في التدريس وهو ابن السابعة عشر عامًا من عمره، ويُذكر أن ابن تيمية تلقى تعليمه وأخذه من أكثر من مئتي شيخ، الأمر الذي دعاه لبدء عهده في تأليف الكتب أيضًا، ثم ليأذن له معلمه العالم "كمال الدين أحمد بن نعمة المقدسي" بالإفتاء.[٤][٢]


قال عنه أحد معلميه، وهو الحافظ ابن عبد الهادي أنه: "نشأ في حضور العلماء، راشفًا كؤوس الفهم، راتعًا في رياض الفقه ودوحات الكتب الجامعة لكل فن من الفنون، لا يلوي إلى غير المطالعة، والاشتغال، والأخذ بعالي الأمور، خاصةً علم الكتاب العزيز والسنة النبوية ودوامها."[١]


ويُذكر أن الشيخ ابن تيمية كان يفسر القرآن الكريم في الجامع الأموي بعد صلاة الجمعة لعدة سنين طوال، إضافة لذكائه المتقد وبراعته في الحديث والفقه، فقد كان علمه واسعًا بالرجال وجرحهم وتعديلهم، علاوة على فنون الحديث ومتونه، من ذلك أيضًا ما كتبه الشيخ ابن تيمية، إذ تبلغ تصانيفه 500 مجلد، والتي لا حصر لها في سائر العلوم.[١][٣]


أسلوب ابن تيمية

يمكن الإشارة إلى أسلوب الشيخ ابن تيمية في دروسه كما جاء على لسان تلامذته وأساتذته من مثل الحافظ البزار، والذي يقول: "يصير منذ يتكلم إلى أن يفرغ كالغائب عن الحاضرين، مغمضًا عينيه وذلك كله مع عدم فكرة فيه ورقية من غير تعرف ولا توقف ولا لحن، بل فيض إلهي حتى يبهر كل سامع وناظر، فلا يزال كذلك حتى يصمت، وكان إذا فرغ من درسه يفتح عينيه ويقبل على الناس بوجه طلق بشيش وخلق دمشق كأنه قد لقيهم حينئذ، وربما أعتذر إلى بعضهم من التقصير في المقال مع ذلك الحال".[١]


يمكن القول أن أسلوب شيخ الإسلام جاء بما تقتضيه المسائل لذلك؛ فتراه يوجز العبارة إذا كانت لا تحتمل الإكثار، ويبسط القول والأمر إذا ما اقتضى، ولا يبخل في دليلٍ إلا ويذكره للسائل، مع القول الراجح متعدد الأدلة إن وَجَب.[٢]


أما عن حاله وأسلوبه إذا أعيته مسألة ما، فجواب ذلك ما قال عنه الإمام ابن القيم: "شهدت شيخ الإسلام قدس الله روحه، إذا أعيته المسائل واستصعبت عليه، فّر منها إلى التوبة والاستغفار والاستغاثة بالله واللجأ إليه"، وبذلك قال الحافظ ابن عبد الهادي على لسان ابن تيمية أنه كان يقول:" ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم، وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني".[١]


أساتذة ابن تيمية

إن عدد أساتذة الشيخ ابن تيمية كبير جدًا، فيذكر ابن عبد الهادي بن قدامة في ذلك؛ "شيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ، وسمع مسند الإمام أحمد مرات، وسمع الكتب الكبار والأجزاء، ومن مجموعات معجم الطبراني الكبير، وعُني بالحديث،.."، أما عن مشايخه؛ فهم من مثل ابن عبد الدائم المقدسي، ووالده الشيخ عبد الحليم بن عبد السلام، بالإضافة إلى تأثره بالإمام أحمد بن حنبل، والشيخ العز بن عبد السلام.[٥]


منهج ابن تيمية

نقطة الارتكاز وأهم ما اتخذه ابن تيمية كلها لحياته العملية والعلمية؛ هو عدم تجاهله للعقل والفكر، أي أنه اهتم بشمولية المنقول وتوافقه مع العقل والأفكار والأحكام، موسعًا بذلك أفاقه وإدراكه لعلمه، ذلك بما لا يتجاوز القرآن والحديث الصحيح، فقد سعى إلى درء المفاسد بسد الشرائع، والحجج، تحقيقًا للمصالح؛ بما هو خير جالب للنفع على الأمة، وبذلك فإن الناظر في سيرة ابن تيمية؛ يخيل إليه بأنه يطالع زعيم للأمة في ذلك الوقت، لا عالم بالمذاهب والسنة فقط.[٤]


أشهر مؤلفات ابن تيمية

صدر لشيخ الإسلام ابن تيمية كمًا هائلًا من المؤلفات، من أشهرها:

  • كتاب العقيدة الواسطية: يدور حول أصول العقيدة، ومنهج أهل السنة والجماعة، وهو مما يخص عامة الناس لبساطته وتيسيره. [٢]
  • كتاب منهاج السنة النبوية: وهو من أضخم الكتب والمؤلفات الخاصة بشيخ الإسلام، والذي يناقش فيه الشيعة. [٢]


أشهر أقوال ابن تيمية

اشتهر ابن تيمية بعدة أقوال، ومنها:[١][٢]

  • "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر في زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة".
  • "الدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر".
  • "إن المعاصي تمنع القلب من الجولان في فضاء التوحيد".
  • "ليس في العالم أحد يدور معه الحق حيثما دار إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فكلامه حجة على غيره وليس كلام غيره حجة عليه".


وفاة ابن تيمية

توفي ابن تيمية في 25 أيلول عام 1328 ميلاديًا والموافق 728 هجريًا، وذلك في دمشق، إذ دفن في المقبرة الصوفية فيها، وقد كان مسجونًا في قلعة دمشق ساعة منيته.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ إسلام بن عيسى الحسامي العبادي، سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية وحكاياته مع أبناء زمانه، صفحة 3.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح د عائض القرني، على ساحل ابن تيمية، صفحة 10.
  3. ^ أ ب محمد غرير شمس وعلي بن محمد العمران، الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون، صفحة 18 22.
  4. ^ أ ب ت محمد يوسف موسى، ابن تيمية، صفحة 53-54-55-89-.
  5. أبي عبدالله محمد بن سعيد بن رسلان، حول حياة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، صفحة 13 14.