من هو الباقلاني؟

هو فقيه، وخطيب، وأحد كبار العلماء في علم الكلام في القرن الرابع الهجري.


وهو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم الباقلاني القاضي البصري، ويُكنى بأبي بكر، وله عدة ألقاب منها سيف السنة، ولسان الأمة، والمتكلم على لسان أهل الحديث، وكان من أبرز العلماء في علم الكلام، وأفصحهم لسانًا، ومن كبار فقهاء المذهب المالكي، وأحد أئمة المذهب الأشعري، حيث وصل فيه إلى مكانة عالية ومرموقة؛ لتأييده الشديد له، وعمله الحثيث على نصرته، وتهذيبه، وبلورة آرائه، كما اتصف الباقلاني بذكائه الحاد، وسرعة بديهته، وسعة علمه، وقد شهد له العلماء بذلك، حيث كان يُعد من الأئمة الثقات، وأصحاب الفضل والتقوى، إلى جانب ذلك فإنّ له العديد من المصنفات والمؤلفات والتي كتبها بهدف الرد على الفرق كالمعتزلة والشيعة والخوارج، ولنصرة مذهب أهل السنة والجماعة.[١][٢]


مولد الباقلاني ونشأته

ولد الباقلاني في مدينة البصرة في عام 338 هجري، ولا يتوفر في كتب التراجم الكثير من المعلومات عن نشأته وطفولته المبكرة، إلا ما ذكر في بعضها بأنّه ولد لأسرة متوسطة الحال، حيث كان والده يعمل في بيع الباقلاء؛ وهذا هو سبب إطلاق لقب الباقلاني عليه.[٣][٤]


علم الباقلاني

تلقى الباقلاني العلم في صغره على يد علماء مسقط رأسه البصرة، ثم رحل في عمرٍ مبكر إلى بغداد، فأخذ عن علمائها العديد من العلوم مثل الحديث، والفقه، وأصول الدين المعروف بعلم الكلام، كما اطلع على أخبار الأديان، ومذاهب الفرق الإسلامية، وأدلة أهل الملل والفرق، وقد كان الباقلاني من كبار أئمة المذهب الشعري، حيث بلغ فيه مكانة تضاهي منزلة أبو الحسن الشعري نفسه وهو مؤسس هذا المذهب، حتى أنه تولى رئاسة الأشاعرة في ذلك الوقت، كما اعتمد الباقلاني منهج أهل السنة والجماعة في إقامة الحجج والأدلة، فكان يُعد المتكلم بلسان أهل الحديث، حيث كان أكثر اهتمامه متعلقًا بعلوم الملة وعقائدها، فكان من أشد المدافعين عن المذهب السني، وقد دأب على كشف حقائق الدين والعقيدة، والرد على أصحاب الآراء المخالفة.


إلى جانب ذلك فقد كان الباقلاني غزير التأليف، وله العديد من المصنفات والكتب في مجال الفقه وأصوله، وعلم الكلام، وقد بلغ عددها ما يقارب 53 مؤلفًا، والتي تبين مدى سعة علمه، ومعرفته الكبيرة بمعظم العلوم النقلية والعقلية السائدة في ذلك العصر، كما كان له حلقة علمية كانت تُعقد بشكلٍ مستمر في جامع المنصور، فكان يحضرها العلماء، وطلاب العلم، ورجال الدولة لينهلوا من علمه ومعارفه الكثيرة.


من جهةٍ أخرى فقد اشتهر الباقلاني بفصاحة اللسان، ووضوح البيان، والقدرة على الإفحام والإقناع، وكثرة العبادة، بالإضافة إلى حدة الذكاء، وسرعة البديهة، ومما يدل على ذلك ما يُروى بأنّ الخليفة عضد الدولة قام بإرساله كرسول إلى ملك الروم الأعظم، وذلك في عام 366 هجري، فأراد ملك الروم أن يدخل عليه الباقلاني راكعًا، فأمر أن يُدخل عليه من بابٍ صغير ليضطر إلى الانحناء، ففطن الباقلاني لهذه الحيلة، فدخل على الملك بظهره، مما أوقع الهيبة في قلوب الرومان، بالإضافة إلى ذلك فقد أجرى العديد من المناظرات الكلامية المختلفة مع رجال الدين الروم في القسطنطينية، حيث كانت له الغلبة دائمًا.[٥][٦]


شيوخ الباقلاني وتلاميذه

تلقى الباقلاني العلم على يد كبار علماء عصره، نذكر منهم:[٧]

  • ابن مجاهد الطائي، حيث أخذ عنه علم الكلام، والفقه المالكي وأصوله.
  • الصالح أبو الحسن الباهلي، وقد أخذ عنه علم الأشعري.
  • محمد الأبهري المالكي.
  • الحسين النيسابوري.
  • أبو بكر بن مالك.
  • أبو محمد بن ماسي.


أما تلاميذه الذين تتلمذوا على يديه، فمنهم:[٨]

  • أبو الحسن علي بن عيسى السكري الشاعر.
  • القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني الحنفي.
  • القاضي عبد الله بن محمد الأصبهاني المعروف بابن اللبان.
  • محمد بن الحسين بن موسى النيسابوري.
  • محمود بن الحسين الطبري أبو الحاتم المعروف بالقزويني.


مؤلفات الباقلاني

من أبرز مؤلفات الباقلاني ما يأتي:[٩]

  • الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به في علم الكلام.
  • تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل.
  • هداية المسترشدين.
  • مناقب الأئمة الأربعة.
  • التقريب والإرشاد.
  • الانتصار للقرآن.
  • دقائق الكلام والرد على من خالف الحق من الأوائل ومنتحلي الإسلام.


إعجاز القرآن

ألف الباقلاني هذا الكتاب بغرض الدفاع عن القرآن الكريم ضد المغرضين والجهال الذين يحاولون التقليل من شأن كتاب الله جل جلاله، ولإظهار تفوق الأسلوب القرآني والبلاغي على أسلوب العرب وبلاغتهم، وإثبات أنه معجزة من الله لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام، وذلك من خلال إيراده للعديد من الأدلة والبراهين التي تثبت صدق النبوة، وتحقق الإعجاز، وقد قسّم الباقلاني كتابه هذا إلى ستة عشر فصلًا سلط من خلالها الضوء على ثلاثة محاور أساسية تتمثل بما يأتي:

  • معجزة النبي والتحدي بالقرآن وما اتصل به من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام.
  • نفي الشعر والسجع من القرآن وانتفاء المعارضة بها أو بغيرهما من بديع الكلام.
  • نهج القرآن ونظمُه المعجز.


وقد عدّ العلماء هذا الكتاب من أفضل الكتب التي تم تأليفها في مجال الإعجاز القرآني، وهو من المصادر البلاغية الأساسية التي كان لها دورٌ كبير في تحديد مسار البلاغة، فقد أفرد الباقلاني العديد من الفصول للتحدث عن القضايا البلاغية، مثل الفصل الأخير في كتابه والذي كان بعنوان "وصف وجوه البلاغة"، كما انفردت القضايا الكلامية ببعض فصول الكلام أيضًا، مثل الفصل الذي تحدث فيه عن أنّ نبوة النبي عليه الصلاة والسلام معجزتها القرآن، كما جاءت بعض من فصول الكتاب جامعةً ما بين القضايا البلاغية والقضايا الكلامية، مثل فصل "جملة وجوه إعجاز القرآن"، حيث حصر الإعجاز القرآني في مجموعة من الوجوه الكلامية والبلاغية.[١٠][١١]


وفاة الباقلاني

توفي الباقلاني في بغداد في شهر ذي القعدة من عام 403 هجري، عن عمرٍ يناهز 65 عامًا.[١٢]

المراجع

  1. مصطفى بن محمد بن أحمد بنديسور ، أصل دليل الحدوث عند الإمام الباقلاني وأثره في تقرير الصفات، صفحة 504-505. بتصرّف.
  2. "فطنة ابن الباقلاني"، دار الإفتاء المصرية، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.
  3. محمد علي حيدر، مساهمات الإمام الباقلاني في مقارنة الأديان، صفحة 7. بتصرّف.
  4. نور الدين العتر، "الباقلاّني"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.
  5. كوثر عبداوي، وردة قرايفة، أبو بكر الباقلاني ودوره في نشر العقيدة الأشعرية.pdf الشيخ أبو بكر الباقلاني ودوره في نشر العقيدة الأشعرية، صفحة 22-23. بتصرّف.
  6. علي بختي، تلقي "أبي بكر الباقلاني:" للإعجاز القرآني، صفحة 30. بتصرّف.
  7. ميسون أيوب الحمداني، الباقلاني وجهوده في علم البلاغة، صفحة 74-75. بتصرّف.