من هو القرطبي؟

من هو القرطبي؟

هو مفسر، وفقيه، ومحدث، وأحد أعلام القرن السابع الهجري.

وهو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح (بإسكان الراء والحاء المهملة) الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي، ويُكنى بأبي عبد الله، أما لقبه فهو شمس الدين، وهو يُعد من كبار المفسرين، وواحد من أبرز علماء الأندلس، حيث اشتهر وذاع صيته لكثرة اضطلاعه في العلوم الشرعية، وغزارة مؤلفاته التي كانت ذات شأن كبير لدى الكثير من العلماء، كما عُرف عنه ورعه وزهده الشديدين، وتركه لأمور الحياة الدنيا، وانشغاله بالعمل لآخرته؛ فكان يقضي جلّ وقته ما بين العبادة، وطلب العلم، والتصنيف.^[١][٢]

مولد القرطبي ونشأته

ولد القرطبي في مدينة قرطبة في الأندلس، ولم تذكر كتب التراجم تاريخًا محددًا لولادته، إلا أنّ البعض قد رجّح ولادته في الفترة الواقعة ما بين عامي 600-610 هجري، وقد ولد القرطبي في عصر دولة الموحدين، ونشأ في كنف عائلة فقيرة الحال، إذ كان والده يعمل مزارعًا، وقد قُتل على يد الجيش الإسباني أثناء قيامه عمله في الحقل.^[٣]

ثقافة القرطبي ورحلاته في طلب العلم

تلقى القرطبي تعليمه الأولي في مدينة قرطبة، إذ درس منذ صغره القرآن الكريم، والعربية، والشعر، كما حرص على حضور حلقات العلم التي كانت تُعقد في المساجد والمعاهد، وقد بقي القرطبي في مسقط رأسه قرطبة ولم يغادرها، حتى عام 633 هجري؛ وذلك بعد سقوطها في يد الإسبان، حيث توجه أولًا إلى مدينة إشبيلية، ثم انتقل بعد ذلك إلى مصر.

وصل القرطبي إلى مدينة الإسكندرية، حيث مكث فيها لبعض الوقت، وأخذ عن عدد من كبار علمائها، أمثال: أبو العباس القرطبي، وأبو محمد بن رواج، وأبو محمد عبد المعطي اللخمي، وبعد ذلك اتجه القرطبي إلى مدينة الفيوم برفقة الإمام القرافي، ومن ثم انتقل إلى مدينة المنصورة، وذلك في عام 647 هجري، وفيها درس على يدي الشيخ أبو علي الحسن بن محمد البكري، حيث قرأ عليه الكثير من الكتب، وأخيرًا توجه القرطبي إلى مدينة "منية ابن الخصيب" والواقعة في صعيد مصر، حيث استقر فيها إلى أن وافته المنية، وقد قضى ما تبقى من حياته في العبادة وتأليف الكتب.

من جهةٍ أخرى، فقد عُرف عن الإمام القرطبي إلى جانب علمه الغزير، وتفكيره السليم، وفطنته العالية، الكثير من الصفات الحسنة والخصال الحميدة، منها الزهد في الدنيا، وعفة اللسان، والخلق الطيب.^[٤][٥]

شيوخ القرطبي وتلاميذه

تتلمذ القرطبي على يد الكثير من أجلاء علماء الأندلس، نذكر منهم:^[٦]

• أبو جعفر أحمد بن محمد القيسي والمعروف بابن أبي حجة.
• أبو سليمان ربيع بن عبد الرحمن بن أحمد الأشعري.
• أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن يوسف الأنصاري القرطبي المالكي.
• أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري الحارثي الأندلسي.

أما شيوخه في مصر، فمنهم:^[٧]

• ضياء الدين أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري القرطبي.
• أبو محمد عبد المعطي بن محمود بن عبد المعطي بن أبي الثناء اللخمي.
• صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد البكري.
• بهاء الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة المسلم اللخمي، والمعروف بابن الجميزي.

كما كان للإمام القرطبي الكثير من التلاميذ الذين تلقوا العلم على يديه، نذكر منهم:^[٨]

• أبو المطرف، أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن عميرة، البلنسي.
• ابنه شهاب الدين أحمد بن عبد الله القرطبي.
• أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم الثقفي الغرناطي.
• إسماعيل بن محمد بن عبد الكريم الخراساني.

مؤلفات القرطبي

ألف الإمام القرطبي الكثير من الكتب القيمة منها:^[٩]

• التذكار في أفضل الأذكار.
• التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة.
• قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكتب والشفاعة.
• كتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى.
• المقتبس في شرح موطأ مالك بن أنس.

كتاب تفسير القرطبي

يُعد هذا الكتاب والذي يُعرف أيضًا باسم "الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وأحكام الفرقان" من أشهر كتب التفسير، فقد تناول فيه القرطبي تفسير آيات القرآن الكريم كاملة، إلا أنه ركز بشكلٍ خاص على آيات الأحكام، كما أسقط منه التواريخ والقصص، واستبدلها بأحكام القرآن، واستنباط الأدلة، وذكر القراءات، والناسخ والمنسوخ، فجاء الكتاب فريدًا من نوعه، حيث اعتبره العلماء من أجلّ كتب التفاسير، وأكثرها نفعًا.^[١٠]

وفاة القرطبي

توفي القرطبي في ليلة الاثنين الموافق التاسع من شهر شوال في عام 671 هجري، وقد دفن في مدينة منية ابن الخصيب.^[١١]