من هو هنري موزلي؟

هو عالم فيزياء، وكيميائي إنجليزي، وأحد رواد القرن العشرين.


وهو هنري جوين جيفريز موزلي، عالم فيزياء إنجليزي الأصل، والذي على الرغم من قصر مسيرته العلمية، بسبب وفاته في عمرٍ صغير، إلا أنه استطاع خلال هذه المدة القصيرة من إحداث ثورة هائلة في المجال العلمي، ومهد الطريق أمام تطور علم الكيمياء الحديثة، إذ ساعدت أبحاثه التي أجراها باستخدام الأشعة السينية على تحديد الشحنة الذرية للعناصر، وقد أثبت من خلالها العلاقة بين العدد الذري وشحنة النواة الذرية، كما بين أن الجدول الدوري في ذلك الوقت كان يفتقد للعديد من العناصر، وأعاد تشكيل ترتيب الجدول الدوري بناءً على العدد الذري، وليس الوزن الذري كما كان معروفًا حينها، ومن جانبٍ آخر، فقد فتحت اكتشافاته المجال أمام الباحثين والعلماء الذين جاؤوا من بعده لإنجاز الكثير من الاكتشافات الهامة حول تكوين وتركيب العالم.[١][٢]


مولد هنري موزلي ونشأته

ولد هنري موزلي في تاريخ 23 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر في عام 1887م، في منطقة دورست في إنجلترا، وقد نشأ هنري في كنف عائلة علمية بحتة، إذ كان والده أحد رعايا تشارلز داروين، وأحد المؤسسين لعلم الحيوان في جامعة أكسفورد، وكان جده والد أبيه أستاذًا للفلسفة الطبيعية في جامعة كينجز في لندن، أما جده والد أمه فقد كان من المتخصصين في علم الرخويات، وقد كان لهذه البيئة العلمية أثرٌ في تنمية حب هنري وشغفه للعلوم منذ نعومة أظافره.[١][٣]


مسيرة هنري موزلي العلمية والعملية

في عام 1901م تمكن هنري موزلي من الحصول على منحة دراسية في مدرسة "إيتون" الداخلية، والتي تُعد من أعرق المدارس في إنجلترا، وقد أظهر موزلي خلال دراسته فيها براعة عالية في الجانبين الأكاديمي والرياضي، وفي عام 1906م ارتاد موزلي كلية ترينيتي في جامعة أكسفورد، حيث كان لموزلي العديد من النشاطات العلمية أثناء دراسته الجامعية، منها قيامه ببناء نسخة من "الغرفة السحابية"، والتي أظهر من خلالها المسارات التي تسلكها الجسيمات دون الذرية عبر بخار الماء، كما كتب أيضًا بعض الأوراق العلمية حول بنية العناصر، والإشعاع المنبعث منها.


وفي عام 1910م تخرج هنري موزلي من الجامعة، حيث التحق بعدها للعمل في مختبرات العالم الشهير "إرنست رذرفورد"، في جامعة مانشستر، وقد قام رذرفورد بتكليفه في العمل على التجارب المتعلقة بالنظائر المشعة، فدرس موزلي أشعة بيتا، واستطاع اكتشاف البطارية الذرية، والتي تم إنتاجها بشكلٍ رسمي في خمسينيات القرن العشرين، كما وضع نظريته الذرية والتي مفادها بأن جميع الشحنة الموجبة، ومعظم كتلة الذرة متمركزة في نواة مركزية صغيرة، وأن الإلكترونات تدور حول هذه النواة، وبالتالي فإن معظم الذرة عبارة عن مساحة فارغة.


لم يشعر موزلي بالراحة في العمل في مجال النظائر المشعة، لذا فقد تحول إلى دراسة الأشعة السينية، وقد تعاون في ذلك مع عالم الرياضيات "تشارلز داروين"، وقد توصل موزلي بعد العديد من الأبحاث إلى أن لكل عنصر طيف للأشعة السينية خاص به، شبيه ببصمة الإصبع، كما وضع نظرية تثبت وجود علاقة بين الطول الموجي للعنصر، والعدد الذري، وقد أطلق على هذه النظرية فيما بعد إسم "قانون موزلي"، وفي عام 1913م قرر موزلي مغادرة جامعة مانشستر، والعودة إلى جامعة أكسفورد، للعمل فيها كباحث مستقل، حيث استمر في أبحاثه في مجال الأشعة السينية حتى عام 1915م، إذ التحق بالخدمة في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى.[٢][٤][٥]


الجدول الدوري

يُعد العالم "مندليف" أول من صمم الجدول الدوري، وقد اعتمد في تصميمه على النظرية التي مفادها بأن الخصائص الكيميائية للعناصر تعتمد على كتلتها الذرية، لذا فقد رتب العناصر في الجدول الدوري بدءًا من العناصر الأخف وزنًا، ووصولًا إلى العناصر الأثقل وزنًا، وفيما بعد اكتشف العلماء بعض المشاكل في هذا الترتيب، إذ وجدوا أن بعض العناصر التي تمتلك كتلة ذرية متشابهة، قد تظهر عليها خصائص كيميائية مختلفة.


بدأ هنري موزلي في إجراء التجارب في محاولة منه لإيجاد حل لهذه المعضلة، وذلك عن طريق دراسة التركيب الذري للعناصر، إذ قام بتوجيه حزمة من الإلكترونات إلى العديد من العناصر المختلفة لإنتاج الأشعة السينية، ومن ثم قام بتحديد زاوية التشتت لقياس تردد الأشعة السينية المنبعثة، وقد توصل موزلي من خلال هذه التجارب بأن بعض العناصر يمكنها إطلاق أشعة سينية ذات تردد عالي، بينما البعض الآخر يطلقها بتردد أقل، وقد استنتج من ذلك بأن التردد يعتمد على مستوى الشحنة العميقة داخل ذرات العنصر، وهذا يعني أن كل عنصر يمتلك عدد مختلف من الشحنات الموجبة داخل نواته المركزية، والتي تسمى بالبروتونات، وبالتالي فإن البروتونات هي المسؤولة عن منح العنصر صفاته التي تميزه عن غيره، وليس الكتلة الذرية كما كان معروفًا وقتها، إذ قد يمتلك عنصرين نفس الكتلة الذرية، ولكن قد يحتوي أحدهما على نسبة من البروتونات أكبر من الثاني، وقد ساهم اكتشاف موزلي هذا في إعادة ترتيب الجدول الدوري مرةً أخرى بناءً على عدد البروتونات التي تحتوي عليها ذرات العناصر، والذي يطلق عليه إسم "العدد الذري"، كما استطاع حل مشكلة الفجوات الموجودة في الجدول الدوري، والتنبؤ باكتشاف بعض العناصر في المستقبل، والتي تمكن العلماء بالفعل من اكتشافها في وقتٍ لاحق.


من جهةٍ أخرى فقد ساهمت تجارب موزلي باكتشاف تقنية جديدة وهي "التحليل الطيفي"، حيث تمكن العلماء من خلال هذه التقنية من تحديد خصائص أيّ عنصر، وذلك بناءً على قياس الأطوال الموجية التي يصدرها العنصر عند تعريضه للأشعة السينية.[٦]


وفاة هنري موزلي

توفي هنري موزلي في تاريخ 10 من شهر آب/ أغسطس، في عام 1915، عن عمرٍ يناهز 27 عامًا، فعند إندلاع الحرب العالمية الأولى، ترك موزلي عمله في جامعة أكسفورد، وتطوع في سلاح المهندسين الملكي التابع للجيش البريطاني كضابط اتصالات، وقد لاقى حتفه نتيجة إصابته بطلق ناري أثناء معركة "جاليبولي"، والتي وقعت في تركيا.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب "Henry Moseley", britannica, Retrieved 30/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ERIC SCERRI, "Master of Missing Elements", americanscientist, Retrieved 30/7/2021. Edited.
  3. "The War’s greatest loss?", manchester, Retrieved 30/7/2021. Edited.
  4. Jacob Roberts (7/4/2020), "The Dual Legacies of Henry Moseley", sciencehistory, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  5. "Henry G.J. Moseley", kumc, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  6. "Remembering Henry Moseley", diamond, Retrieved 31/7/2021. Edited.
  7. "Moseley's Periodic Table", corrosion-doctors, Retrieved 31/7/2021. Edited.