من هو كاتب ياسين؟

هو أديب، وروائي، وشاعر، وكاتب مسرحي، وأحد رواد القرن العشرين.


وهو كاتب ياسين، أديب جزائري الأصل، يُعد من كبار كتاب المغرب العربي، اشتهر بأعماله الأدبية والمسرحية التي كان يكتبها باللغة الفرنسية، وبالأخص روايته "نجمة" والتي لاقت استحسانًا كبيرًا من قِبل الأدباء والنقاد الفرنسيين، حيث اعتبروه أحد أهم رواد الأدب في شمال إفريقيا، كما يُعد ياسين من الكتاب الجزائريين القلائل الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية كشف المعاناة التي مرت بها الجزائر نتيجة خضوعها للاستعمار الفرنسي، وذلك عن طريق تكريس أعماله الأدبية للتعبير من خلالها بصدق وعمق عن ظلم الاستعمار، والمظالم والمآسي السياسية والاقتصادية التي نتجت عنه، ووصف حروب الإبادة، وصنوف العذاب التي ارتكبها المستعمر بحق الجزائريين في السجون، إلى جانب تغنيه بالثورة الجزائرية، وتأييده للمقاومة الشعبية.[١]


مولد كاتب ياسين ونشأته

ولد كاتب ياسين في تاريخ 1929/8/6م، في مدينة قسنطينة في الجزائر، كان والده يعمل وكيلًا وقاضيًا في محاكم الجزائر الشرعية، وينتمي ياسين إلى أسرة محافظة ومتوسطة الحال، تعود أصولها إلى أمازيغ الأوراس، والتي استقرت قرب قسنطينة في أواخر القرن التاسع عشر، ومن ثم تعربت وأصبحت تتحدث اللغة العربية.[٢]


مسيرة كاتب ياسين العلمية والعملية

كعادة الأسر الجزائرية المحافظة في ذلك الوقت، تعلم ياسين العلوم القرآنية واللغة العربية منذ صغره، ثم التحق بعد ذلك بالمدرسة الفرنسية، حيث تابع تعليمه فيها حتى اندلاع المظاهرات الشعبية الجزائرية المطالبة باستقلال الجزائر، والتي وقعت في تاريخ 1945/5/8م، ونتج عنها ما يقارب 45 ألف شهيد، وقد شارك ياسين في هذه المظاهرات وكان آنذاك لا يزال في السادسة عشر من عمره، كما أنه نجا من الإعدام بأعجوبة، إذ كاد الجيش الاستعماري أن يرميه بالرصاص لولا أن تم إبعاده من قبل أحد الضباط، بحجة أنه صغير في العمر.


كان لهذه الفترة العصيبة الأثر الكبير في تغيير مسار دراسة ياسين وحياته، إذ طُرد من مدرسته، وسُجن في سجن قسنطينة لمدة عامٍ كامل بسبب مشاركته للمظاهرات، وبعد انتهاء هذه الأحداث هاجر ياسين إلى فرنسا حيث زاول هناك الكثير من المهن البسيطة مثل عامل زراعي، وكهربائي، وعامل في أحد المصانع، وقد ساعده ذلك على التقرب من الطبقات العاملة والبسيطة، فأصبح أكثر انحيازًا لهم حيث يظهر ذلك جليًا في معظم أعماله الأدبية والمسرحية.


كان لكاتب ياسين العديد من المساهمات النضالية الكبيرة والتي خاضها في سبيل تحرير وطنه من الاستعمار الفرنسي، وعلى رأسها النضال الأدبي من خلال كتابته للعديد من المقالات والأشعار الوطنية، والتي كان ينشرها في جريدة "الجزائر الجمهورية"، ومجلة "الجيش"، كما نشر أيضًا مسرحية بعنوان "الجثة المطوقة" في مجلة (Esprit) الفرنسية، إلى جانب إلقائه لمحاضرة في الجمعية العلمية في باريس وذلك في عام 1947م، والتي كانت بعنوان "عبد القادر واستقلال الجزائر".


بعد استقلال الجزائر، حوّل ياسين اهتماماته إلى الدفاع عن الطبقات الفقيرة والكادحة، وتأييد حركات التحرر الشعبية في العالم، وخاصةً في فلسطين وفيتنام، كما كان رافضًا للنظام السياسي القائم في الجزائر، فتسببت مواقفه السياسية هذه ورفضه المطلق للظلم والدكتاتورية إلى تعرضه للاعتقال والنفي أكثر من مرة، حيث غادر بلده إلى فرنسا في عام 1963م، ولم يعد إليها إلا في عام 1996م.[٣][٤]


إنجازات كاتب ياسين الأدبية

كان لأحداث عام الثورة 1945م ودخوله المعتقل، أثرٌ كبير وبارز على شخصية كاتب ياسين الأدبية، ونقطة تحول في مسار حياته، حيث شكلت هذه الأحداث دافعًا كبيرًا له لممارسة الكتابة والإبداع وهو لا يزال في عمرٍ صغير، فأصدر أول أعماله الشعرية والتي كانت بعنوان "مناجاة".


كما ساهمت الفترة التي قضاها ياسين في فرنسا في تشكيل وتطوير شخصيته الأدبية والفكرية، وذلك من خلال لقائه بالكاتب الألماني "برتولد بريخت"، والذي كان من أشد المعجبين به، والمتأثرين بأعماله، إلى جانب تكوينه العديد من العلاقات مع المثقفين والمناضلين الجزائريين في الغربة، ومشاركته في الندوات الأدبية والفكرية التي كانت تعقد في ذلك الوقت، وقد أطلق خلال هذه الفترة أول عمل مسرحي له بعنوان "الجثة المطوقة"، وروايته الأكثر شهرة "نجمة"، والتي ألفها وهو لا يزال في الثامنة والعشرين من عمره.


ولقد تميزت أعمال ياسين بوضوح المعنى، وتركيزها على الواقع، واحتوائها على الكثير من الصور والأفكار والمعاني، إلى جانب معالجتها للعديد من القضايا الشعبية، وخاصة بما يتعلق بقصص التشرد، والمنفى، والهجرة، والغربة، والجدير بذكره أنّ ياسين قد ألف جميع أعماله الأدبية باللغة الفرنسية، وقد برر ذلك بقوله "أكتب بالفرنسية لأقول للفرنسيين إنني لست فرنسي".[٥][٦]


أبرز أعمال كاتب ياسين

ترك كاتب ياسين العديد من الأعمال الأدبية الهامة والتي تتراوح ما بين الرواية والشعر والمسرح، ومن أشهر هذه الأعمال ما يأتي:[٧]

الأعمال الروائية

  • رواية نجمة (1956م).
  • رواية المضلع النجمي (1966م).


الأعمال المسرحية

  • مسرحية الجثة المطوقة (1955م).
  • مسرحية الرجل ذو النعل المطاطي (1970م).


الأعمال الشعرية

  • دائرة الانتقام أو دائرة القصاص (1959م).
  • مسحوق الذكاء (1967م).


رواية نجمة

تُعد هذه الرواية من أهم أعمال كاتب ياسين الروائية، والتي أدت إلى اكتسابه شهرة كبيرة، وجعلت اسمه معروفًا في عالم الأدب، وذلك لأسلوبها الأدبي الرائع والمتمكن، حيث استخدم ياسين فيها تقنيات الرواية الحديثة، كما ترجع مكانة هذه الرواية المرموقة لأهمية المواضيع التي تطرقت لها، فهي تصور أوضاع الجزائر، وتصف ملامحها الخاصة من تاريخ، وسيرة، ونضال، إلى جانب حديثه عن الأحزاب والشخصيات المختلفة التي كانت موجودة إبان الاحتلال الفرنسي.


قد عبر ياسين عن هذه الأمور جميعها بصورة رمزية على مدار سبعة فصول، حيث تبدأ الرواية من نقطة ما قبل النهاية، وتتقاطع أحداثها إلى أن تصل إلى نهاية البداية أو بداية النهاية، وذلك من خلال سرد قصة حياة بطلة الرواية الرئيسية والتي تدعى "نجمة" الزوجة الجميلة والتي تعيش حياة تعيسة مع رجل لا تحبه، كما يربطها علاقة بأربعة رجال من قبيلة البدو الرحّل هم "الأخضر"، و"مصطفى"، و"رشيد"، و"مراد"، وقد أراد ياسين من خلال بطلته "نجمة" أن يرمز لبلده الجزائر في بُعدها الجغرافي المتلاحم بشكلٍ كامل مع تاريخها السياسي، مستخدمًا لذلك لغة شعرية جميلة، ومعانٍ غزلية لطيفة.[٨]


وفاة كاتب ياسين

توفي كاتب ياسين في مدينة غرونوبل في فرنسا، في تاريخ 1989/10/28م، عن عمرٍ يناهز 60 عامًا، وقد تم نقل جثمانه إلى موطنه الجزائر حيث دُفن هناك.[٩]

المراجع

  1. فاطمة قادري، تجلي الرمز في رواية نجمة لكاتب ياسين، صفحة 2. بتصرّف.
  2. بوزيان عودة، التأثير الفرنسي في الرواية الجزائرية نجمة لكاتب ياسين أنموذجًا، صفحة 41. بتصرّف.
  3. إسماعيل حسين فتاتيت، مقاربة نقدية في مقارنة عز الدين المناصرة (أثر وليم فوكنر في رواية (نجمة) لكاتب ياسين (عرض ونقد)).pdf?sequence=1&isAllowed=y أثر وليم فوكنر في رواية نجمة لكاتب ياسين، صفحة 124. بتصرّف.
  4. عواشة يونسي، سيميائية في رواية نجمة لكاتب ياسين.pdf مقاربة سيميائية في رواية نجمة لكاتب ياسين، صفحة 94. بتصرّف.