من هو مؤلف دون كيشوت؟

هو ميغيل دي سرفانتيس، وهو كاتب مسرحي، وروائي، وشاعر، وأحد أبرز الكتّاب في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي.


وهو ميغيل دي سرفانتيس سافيدرا، أحد أبرز الشخصيات في الأدب الإسباني وأكثرهم شهرة، ويعود الفضل في ذلك إلى روايته "دون كيشوت"، والتي تُعد من أكثر المؤلفات الإسبانية شهرة وانتشارًا، حيث تمت ترجمتها إلى ما يقارب 60 لغة، كما تناولها الكثير من النقاد حول العالم بالدراسة والتحليل، إلى جانب ذلك فقد ألف دي سرفانتيس في جميع الأنواع الأدبية الرئيسية المعروفة، وله الكثير من القصص القصيرة البارزة، والتي ارتقى البعض منها إلى مستوى عالي، يكاد يقارب المستوى الذي وصلت إليه روايته الأشهر "دون كيشوت".[١]


مولد ميغيل دي سرفانتيس ونشأته

ولد ميغيل دي سرفانتيس في بلدة ألكالا بالقرب من العاصمة الإسبانية مدريد، ولا يوجد ذكر محدد لتاريخ ولادته، إذ أنه ولد في تاريخ 29-9-1547م، ولكن من المؤكد أنه قد تم تعميده في تاريخ 9-10-1547م، والده هو رودريغو دي سرفانتيس، والذي كان حلاقًا وجراحًا، ووالدته هي ليونور دي كورتيناس، وترتيبه الرابع بين سبعة أخوة، وقد عاش ميغيل طفولة غير مستقرة؛ فقد كانت عائلته دائمة التنقل والترحال من بلدة إلى أخرى، نظرًا لطبيعة عمل والده.[٢]


مسيرة ميغيل دي سرفانتيس العلمية والعملية

لا تتوفر الكثير من المعلومات بما يخص تعليم دي سرفانتيس، سوى أنه قد تلقى بعض التعليم البسيط في مدارس مدريد، كما أنه لم يرتاد الجامعة كغيره من الأدباء في ذلك العصر، وعلى الرغم من ذلك فقد عُرف عنه حبه الشديد لقراءة الكتب، وخلال فترة تواجده في مدريد، وتحديدًا في عام 1569م قام دي سرفانتيس بنشر أولى قصائده الشعرية، والتي كانت عبارة عن رثاء لوفاة الملكة إليزابيث، زوجة الملك فيليب الثاني، وفي نفس العام انتقل دي سرفانتيس إلى روما بهدف البحث عن حياة أفضل، وتطوير حياته المهنية، وقد عمل في بداية الأمر كخادم لدى كاردينال روما "جوليو أكوافيفا"، وبحلول عام 1750 انتهى به الأمر بالانضمام إلى فرقة المشاة الإسبانية المتمركزة في نابولي، والتي كانت تحت إمرة التاج الإسباني.


وفي عام 1571م شارك دي سرفانتيس في المعارك الحربية ضد الإمبراطورية العثمانية، والتي اندلعت في قبرص على البحر الأبيض المتوسط، وقد أظهر سرفانتيس خلال خوضه معركة ليبانتو الشهيرة شجاعة منقطعة النظير، إلا أنه تعرض لإصابة في صدره، وإصابة أخرى أفقدته ذراعه الأيسر، وبعد أن أنهى سرفانتيس خدمته العسكرية والتي امتدت ما بين عامي 1572-1575م، تنقل خلالها بين عدة أماكن مختلفة مثل تونس ولاجوليتا، ركب سرفانتيس سفينة عائدًا إلى موطنه إسبانيا، وخلال الرحلة تعرضت سفينته للهجوم من قِبل بعض القراصنة الجزائريين، والذين استولوا عليها، وقاموا بنقل سرفانتيس مع شقيقه إلى مدينة الجزائر، حيث عاش فيها حياة العبودية، والتي استمرت لمدة خمسة أعوام، وبعد أربع محاولات للهرب باءت جميعها بالفشل، استطاعت عائلته أخيرًا فديته بمبلغ كبير من المال، فعاد إلى مدريد وذلك في عام 1580م، والجدير بذكره أنّه كان لهذه الفترة التي قضاها في الأسر الفضل الأكبر في إلهامه لكتابة العديد من أعماله الأدبية فيما بعد، وبعد عودته إلى مدريد عانى سيرفانتيس من سوء أحواله المادية، كما أنه بذل الجهد الكبير لاستلام منصب إداري في وطنه، إلا أنه لم يوفق في ذلك، وفي عام 1584م تزوج سيرفانتيس من "كاتالينا دي سالازار"، علمًا أنّ هذا الزواج لم يثمر عن أيّ أطفال.


كان عام 1585م بداية انطلاقة مسيرة سيرفانتيس الأدبية، وذلك من خلال نشره أول رواية له والتي كانت بعنوان "لاغالاتيا"، إلى جانب بعض العروض المسرحية، والتي كان أشهرها مسرحية "الارتباك"، وقد اعتبرها سيرفانتيس من أفضل أعماله، وفي عام 1587 تسلم سيرفانتيس منصب جابي الضرائب في جنوب الأندلس، إلا أنه لم يستمر بعمله هذا لفترة طويلة، وذلك بسبب تعرضه لبعض المشاكل المالية التي أدت إلى سجنه في إشبيلية وذلك في عام 1597م، وخلال الفترة التي قضاها في السجن قام بتأليف الجزء الأول من روايته الأشهر "دون كيشوت"، حيث قام بنشرها في عام 1605م، وقد حققت نجاحًا كبيرًا، كان السبب في احتلاله مكانة أدبية مرموقة، وبعد مروره بالعديد من المشاكل المالية والعائلية، قرر سيرفانتيس أن يمضي ما تبقى من حياته في العمل ككاتب محترف.[١][٣]


إنجازات ميغيل دي سيرفانتيس الأدبية

بدأ سيرفانتيس مسيرته الأدبية وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، حيث نشر روايته الرعوية الأولى بعنوان "لاغالاتيا"، والتي ركز فيها بشكلٍ كبير على وصف الطبيعة، مع العديد من التأملات في الجمال، وأثناء هذه الفترة ألف سيرفانتيس أيضًا العديد من الأعمال المسرحية، والتي بلغت ما يقارب العشرين عملًا، منها "سجون الجزائر"، و"حصار نومانثيا"، علمًا أن سيرفانتيس لم ينشر معظم هذه الأعمال إلا في الفترة الأخيرة من حياته، ولعل أبرز أعماله المسرحية والتي أظهرت موهبته الحقيقية كانت بعنوان "ثماني كوميديات وثمانية فواصل"، والتي حملت في طياتها مزيج من السيرة الذاتية، مع ذكر للتقاليد الإسبانية التي كانت متبعة في العصر الذي عاش فيه.


ومن مؤلفات سيرفانتيس أيضًا "قاضي محكمة الطلاق"، و"كهف سالامنقة"، و"الروايات المثالية" وهي عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة تبلغ اثنتا عشرة قصة، وقد لاقت شهرةً ونجاحًا كبيرًا، أما أعماله الشعرية فإلى جانب العديد من القصائد التي تضمنتها رواية "دون كيشوت"، إلا أنّ أفضل أعماله الشعرية كانت بعنوان "الرحلة إلى جبل برناس"، وهي عبارة عن سلسلة طويلة من الأبيات الشعرية وقد نظمها سيرفانتيس متبعًا في ذلك النمط الروائي، وفي عام 1605م قام بنشر الجزء الأول من رواية "دون كيشوت"، ثم تبعه بالجزء الثاني وذلك في عام 1615م، وقد نُشر آخر عمل له بعد وفاته، وتحديدًا في عام 1617م تحت عنوان "أعمال بيرسيلس وسيخيسموندا"، والذي يمثل ملحمة نثرية تتناول تاريخ الإنسانية.[٤]


دون كيشوت

تُعد رواية دون كيشوت أو دون كيخوتة من روائع الأدب العالمي والتي تم ترجمتها إلى العديد من اللغات الأخرى كالإنجليزية، والفرنسية، والعربية، وتتناول الرواية قصة رجل في الخمسين من عمره، ويقيم في قرية تُدعى "لامانشا"، وقد كان مغرمًا بقراءة كتب الفروسية والقصص الرومانسية، الأمر الذي دفعه إلى مغادرة منزله، وتخطي العادات والتقاليد المتبعة آنذاك، ليذهب في رحلة عبر البلاد برفقة جاره الريفي البسيط ذو الثقافة المحدودة والمدعو "سانشو بانثا"، وذلك في محاولة منه للحصول على لقب فارس، حيث كان يستخدم في حديثه عبارات ومصطلحات قديمة خاصة بعصر الفرسان، وغير شائعة في عصره، كما خاض العديد من المغامرات، والتي كان معظمها من نسج خياله، فكان يقاتل طواحين الهواء، اعتقادًا منه بأنها مجموعة من العمالقة الخطرين، ويهيئ له بأنّ قطعان الخراف ما هي إلا جماعات من الأعداء التي يجب عليه محاربتها، كما كان يتوهم بأنّ النُزُل المتواضعة عبارة عن قصور وقلاع كتلك التي يعيش فيها الفرسان، وقد أُطلق عليه لقب "دون كيخوته"، كما وُصف بأنه "فارس الظل الحزين"، وقد بلغ نجاح هذه الرواية إلى الحد الذي دفع كاتبًا مغمورًا يدعى "ألونسو فرناندث دي أبيليانيدا" إلى إصدار جزء ثاني منها من تأليفه الخاص، الأمر الذي جعل سيرفانتيس يُسرع في نشر جزئها الثاني وذلك في عام 1615م.[٤]


وفاة ميغيل دي سيرفانتيس

توفي ميغيل دي سيرفانتيس في مدريد، في تاريخ 22-4-1616م، عن عمرٍ يناهز 69 عامًا.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب Edward C. Riley, "Miguel de Cervantes", britannica, Retrieved 3/11/2021. Edited.
  2. "MIGUEL DE CERVANTES", donquijote, Retrieved 3/11/2021. Edited.
  3. ^ أ ب Alison Krueger, "Miguel de Cervantes", college.columbia, Retrieved 4/11/2021. Edited.
  4. ^ أ ب خوان خيمينث، "ثربانتس"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 4/11/2021. بتصرّف.