ابن الحاجب

من هو ابن الحاجب؟

هو قارئ، ومؤلف، ومُدرس، ومُناظر، وفقيه مالكي المذهب، أصولي النحو من أئمة العصر الأيوبي.

وهو أبو عمر عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس المصري المعروف بابن الحاجب، والمُلقب بجمال الجدين، وهو كردي الأصل، ويعد عالمًا جليلًا، وإمام حجة، وفقيه مالكي، ومُقرئ مشهور، وذي صيت حسن، ولُقّب بابن الحاجب؛ لأن والده كان حاجبًا للأمير عز الدين موسك الصلاحي، وكَان ابن الحاجب مِن أئمة العالم البارزين في اللغة العربية، الذين طلبوا علومها من أفضل المصادر وأعظمها، فدرس في جامع دمشق، وتتلمذ على يده في النورية المالكية العديد من الأئمة العظماء من بعده.^[١][٢][٣]

مولد ابن الحاجب ونشأته

اختلف المؤرخون في ولادة ابن الحاجب، وقيل إنه ولد في عام 570/ 571 هـ والموافق 1174-1175 م في مدينة إسنا التي تقع في صعيد مصر، وكان والده حاجبًا للأمير عز الدين، وجنديًا كرديًا، وانتقل برفقة ابنه ابن الحاجب إلى القاهرة، ومن هناك بدأ بطلب العلم والمعارف منذ الصغر، واشتغل بتعلم الفقه وحفظ القرآن الكريم.^[٤]

ثقافة ابن الحاجب وعلمه

حفظ ابن الحاجب القرآن بعد أن انتقل إلى القاهرة، وتردد على حلقات العلم هناك، وسمع الحديث، وتلقى الفقه فيها، وتميز بذكائه وصحة ذهنه وقوة فهمه، من ثم انتقل إلى مدينة دمشق، قبل ذهابه إلى الإسكندرية، فأقام في جامعها الأموي، وكان مدرّسًا لزاوية المالكية، فتفوق في علوم اللغة العربية بمختلف مجالاتها من الصرف، والفقه، والأصول، والنحو، مما دفع العديد من الطلاب والعامة من الناس للالتفاف حوله حتى يتشربوا من علومه الواسعة ويستفيدوا منها، فكان يقدم لهم الدروس في علوم العربية والقراءات، كما كان متواضعًا جدًا، وحسن الخلق، ويمتاز بالعفة والحياء، كما أنه مُحب لتقديم الخير للناس بعيدًا عن الغرور، رغم تفوقه في العلم والاطلاع الذي استنبطه من أمهات مصادره، إذ إنه درس العلوم والعربية والقراءات على يد أئمة علماء اللغة والنحو القراءة، ممن أغنوا المكتبات العربية، وأتقنها بشكل ممتاز، وصنف مُختصرًا في مذهبه ومقدمتين، إحداهما في علوم النحو، والأخرى في الصرف، وألف شرحًا لكيهما، فضلًا عن مؤلفاته الأخرى المميزة.^[٣][٥][٦]

المنهج العلمي لابن الحاجب

كان ابن الحاجب ممن آثروا المنهج العلمي في تفكيرهم، وفضل استخدامه على خلاف بعض البصريين، ممن اختلف معهم، ولم يقتنع بوجهات نظرهم، فعلى سبيل المثال كان قد اختلف مع معلمه العلامة سيبويه في بعض الآراء المتعلقة بعلوم اللغة والنحو، حول مسألة (الضمير الواقع بعد كلمة لولا، وعسى) فرأي سيبويه أن الضمير بعد لولا في محل جر، وبعد عسى في محل نصب، أما ابن الحاجب فقد سار وراء مذهب العلامة الأخفش بأن في كلتا الحالتين الضمير يكون في محل رفع، ومن جهة أخرى فقد كان مُحبًا للبحث والتثقف فلم يكتفِ بمصادره الغزيرة المتاحة من المعارف والعلوم التي استنبطها من العلماء المعاصرين له، بل كان يطّلع على مؤلفات الأئمة العظماء السابقين البارزين في اللغة وعلومها، ويقرأ شروحاتهم، مثل كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي، كما برع في تصنيف الكتب في مجالات الفقه، والعروض، والأدب، والأصول، والنحو وغيره التي تنتمي لأئمة السابقين، وكان يستشهد ببعض المصطلحات منها.^[٧][٦]

الشعر والعروض عند ابن الحاجب

نظّم ابن الحاجب بعض الأبيات الشعرية التي صدرت منه، كونه علامة لغوية، وفقيهًا متميزًا، فافتقرت بدورها إلى عاطفة الشاعر، ومقومات الفن الشعري ليغلب عليها الطابع التعليمي البحت أكثر، كما نظم في العروض، ومن مؤلفاته قصديته المقصد الجليل في علم الخليل، والتي تتبع البحر البسيط، فضلًا عن تنظيمه للمؤنثات السماعية.^[٨]

أساتذة ابن الحاجب

تتلمذ ابن الحاجب على يد نخبة من المشايخ في عصره، ومنهم:^[٩][٥]

• أبو محمد الشاطبي، وعلمه اللغة والفقه وقراءة القرآن الكريم.
• أبو الفضل الغزنوي كان قارئًا مميزًا علمه القراءة.
• أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري.
• فاطمة بنت سعد الفيهة المُحدثة.
• القاسم بن عساكر الدمشقي.
• أبو الثناء الحراثي.
• أبو الجود اللخمي وهو مُقرئ نحوي.
• أبو الحسن البياري.

أشهر مؤلفات ابن الحاجب

من أشهر مؤلفات ابن الحاجب ما يأتي:

• كتاب كافية ذوي الأرب في معرفة كلام العرب: ويُعرف بالكافية، ويُمثل مقدمة موجزة في علوم النحو المحيطة بموضوعات الأصول في علم النحو، بعيدًا عن التفاصيل والفروع والخلافات، ولهذا الكتاب عدة شّروحات تركيّة وفارسيّة، إضافةً للمختصرات، والمنظومات، والمصنّفات المُختلفة في إعراب الكافية، من أبرز شروحها؛ شرح الرضي الاستراباذي، والفوائد الضيائية لنور الدين الجامي، وغيرهما.^[١٠]
• كتاب الشافية: ويُمثل مقدمة وجيزة في التصريف لابن الحاجب، وهو كتاب مهم جدًا أقبل العديد من الطلبة والعلماء على دراسته وتقديم شروحات له، ويدخل في قائمة الكتب المدرسة التي تُدرس عالميًا، وله العديد من الشروحات التي تقارب 26 شرحًا متنوعًا.^[١١]
• كتاب مختصر منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل: وهو كتاب ينتمي لعلمي الأصول والجدل ضمن نطاق تخصص علوم أصول الفقه، والتخصصات قريبة الصلة من عقيدة، وحديث، وسيرة النبي، وغيرها من فروع العلوم الشرعية، ويُعد من الكتب المهمة لطلاب الفقه والأصول، فضلًا عن تقديم العديد من العلماء والفقهاء شروحات مختلفة له.^[١٢]

كتاب الجامع بين الأمهات في الفقه

اعتنى الكثير من علماء الشرق والغرب في دراسة وشرح هذا الكتاب وتدريسه، إذ جمع فيه ابن الحاجب الكثير من المسائل الفقهية بمختلف فروعه، ولخص فيها أقوال علماء المذاهب وأبرز كتبهم المعروفة، ويشهد له العديد من علماء الفقه بتميزه وعظمته، ويُذكر أن ابن الحاجب اختصره من أصل 60 ديوانًا، ويضم فيه ما يزيد عن 60 ألف مسألة فقهية، ومدحه الكثيرون من أمثال كمال الدين الشافعي، وابن فرحون وغيرهم.^[١٣]

وفاة ابن الحاجب

توفي ابن الحاجب في مدينة الإسكندرية في مصر بتاريخ 26-شوال- 664 هـ، الموافق 18-2-1249م عن عمرٍ يُناهز 73 سنة، ودُفن قرب ضريح الشيخ ابن أبي شامة.^[١٤]