من هو ابن النفيس؟

وهو طبيب وعالم وفسيولوجي بارز من العصر الذهبي الإسلامي.


وهو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي حزم القرشي الدمشقي، والمُكنّى بابن النفيس، يُعد من الأطباء الموسوعيين الذين ساهموا بشكل ملحوظ في تقدم الطب والحضارة العربية والإسلامية، إذ يرجع له الفضل في الاكتشافات الطبية حول الدورة الدموية الرئوية في الجسم، إضافةً للعديد من المساهمات والأعمال الأخرى على الرغم من شح الموارد الثقافية والعقبات الأخرى التي واجهت العلوم الطبية في ذلك الحين. [١][٢]



مولد ابن النفيس ونشأته

ولد ابن النفيس في في دمشق عام 1213 ميلاديًّا، وتعلم الطب هناك في مستشفى كلية الطب، المعروف حينها (بالبيمارستان النوري)، وعندما كان في سن 23 عامًا، سافر إلى مدينة القاهرة ليعمل هناك في مستشفى النصر لأول مرة في مجال الطب، ثم انتقل ليعمل في مستشفى المنصوري كطبيب عام، وعندما بلغ من العمر 29 سنة بدأ ينشر أعماله الطبية، وكان أولها تعليقه على كتاب ابن سينا في علم التشريح، ولم تقتصر دراسات وإنجازات ابن النفيس على مجال الطب، بل كتب في عدة مجالات مختلفة، أبرزها: القانون، والفلسفة، وعلم الاجتماع، وعلم الفلك، بالإضافة إلى تأليف رواية عربية مترجمة، وكتابة أطروحات حول أمراض العيون، والنظام الغذائي، وإضفاء تعليقات على كتابات طبية لاب نسينا، وأبقراط، وحنين بن إسحاق وغيرهم من العلماء المعاصرين.[٣][١]


منهج ابن النفيس في البحث والاستقصاء

على الرغم من عدم وجود معلومات مؤرخة حول النهج الذي اتبعه ابن النفيس لاكتشافاته الطبية إلا أنه وعلى أغلب الظن شاهد وفحصَ وشخّص اكتشافاته بالاعتماد على أجساد وقلوب الحيوانات من خرافٍ وبقر وإبل؛ إذ إنه لم يكن بالمقدور الشرح بالاستعانة بجسم إنسان، كما لا يُمكن اعتبار ما وصل إليه مصادفة، وإنما دراسات عميقة وواسعة تتطلب البحث والتنقيب والفحص العيني بالنظر لقيمتها الكبيرة جدًا، كما أن العبرة في العلم تقوم على منهج البحث وليس بالمصادفة، ونتيجة هذه العوامل تأخر العلم عند العرب، وتفاقمت العقبات التي أعاقت التجارب العلمية والتي كانت على خلاف مع الحضارة الإسلامية، كتحريم الرسم، وحرمة التشريح للجسم البشري، والذي يرتبط بشكل أساسي مع الطب البشري، مما دفع العديد من الأطباء والباحثين لتشريح الحيوانات وإجراء التجارب عليها، كحال ابن النفيس الذي عانى كالبقية، فلم يجد ما يعنيه من الوسط الثقافي العربي إلا أن ينشط بنفسه ويستخدم مهارته ومعرفته.[٢]


أبرز إنجازات ابن النفيس في مجال الطب

كان من أبرز إنجازات ابن النفيس الطبية اكتشافاته حول الدورة الدمويّة، إذ يُعد هو أول عالم وطبيب قدم وصفًا دقيقًا للدورة الدموية الرئوية، بحسب ما كشفته مخطوطة ابن نفيس عام 1924، والتي تحمل عنوان (تعليق على تشريح قانون ابن سينا)، وبذلك يكون صاحب الفضل في الدراسات اللاحقة التي تلته حول الدورة الدموّية، أي قبل هارفي، وبعض المؤرخين من أمثال ألدو ميلي، وماكس مايرهوف، وإدوارد كوبولا، وتشمل التطورات المهمة التي اكتشفها ابن نفيس فيما يخص مخطط جالينوس، ومُعلقًا على كتاب ابن سينا الطبي علم التشريح في كتاب القانون، الأمور الآتية:[٤][٥]

  • لا يوجد ممر مباشر يعبر من خلاله الدم بين تجاويف القلب (البطينين)، وإنما ينتقل ليغذي القلب من خلال الدورة الدموية الرئوية (من خلال الرئة).[١][٥]
  • لا يحتوي الحاجز الفاصل بين البطينين الأيمن والأيسر على مسام مرئية أو غير مرئية، ولا يُمكن مرور الدم عبره كما زعم جالينوس، وأفاد بأن مسام القلب مغلقة ومصنوعة من مادة سميكة.[١][٥]
  • تكوين الرئتان يشمل عدّة أجزاء، وهي: الشعب الهوائية، وفروع الشرايين الوريدية، وفروع الوريد الشرياني وجميع هذه الأجزاء تتصل معًا من خلال لحم مسامي رخو.[٤]
  • تحدث الدورة الدموية الرئويّة عندما يذهب الدم من الحجرة اليمنى للقلب إلى الوريد الشرياني (الشريان الرئوي)، ومن ثم إلى الرئتين عبر الشرايين الوريدية (الوريد الرئوي) وصولًا للحجرة اليسرى للقلب وهنا يتم تكوين الروح الحيوية.[٤]
  • بُطلان تصريح ابن سينا والذي ينص على أن الدم الموجود في الجانب الأيمن يغذي القلب؛ إذ إن تغذية القلب هي في الواقع من الدم الذي يمر عبر الأوعية الدموية التي تتخلل جسد القلب نفسه، وهو ما يعرف بمفهوم الدورة الدموية التاجية.[٤]


أساتذة ابن النفيس

درس ابن النفيس الطب عندما كان في دمشق على يد الطبيب الدخوار.[١]


أشهر مقولات ابن النفيس العلمية

من أشهر الاقتباسات العلمية الواردة عن ابن النفيس "ولا بد في قلب الإنسان ونحوه مما له رئة من تجويف آخر يتلطف فيه الدم ليصلح لمخالطة الهواء، فإن الهواء لو خلط بالدم وهو على غلظة لم يكن من جملتهما جسم متشابه الأجزاء، وهذا التجويف هو التجويف الأيسر حيث تتولد الروح، ولكن ليس بينهما منفذ، فإن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة، ولا منفذ غير ظاهر يصلح لنفوذ هذا الدم كما ظنه جالينوس"[٦]


أشهر مؤلفات ابن النفيس

من أشهر مؤلفات ابن النفيس ما يأتي:

  • المُختار من الأغذية: قسّم ابن النفيس كتابه هذا إلى قسمين؛ الأول يشمل دراسة في تطور نظرية التداوي بالغذاء عبر الحضارات القديمة، بدءًا من التراث الطبي العربي، وانتهاءً بالعصر الحديث، والقسم الثاني يُحقق رسالة ابن النفيس التي تحمل عنوان المختار من الأغذية.[٧]
  • كتاب الشامل في الصناعة الطبية: يُمثل هذا الكتاب أكبر موسوعة علمية في التاريخ الإنساني لمؤلف واحد، وتمثل الصياغة النهائية والمكتملة للطب والصيدلة في الحضارة العربية الإسلامية في العصور الوسطى، وقد وضع ابن النفيس مسودتها بحيث تتكون من ثلاثمائة مجلد إلا أنه بيّض (دوّن) منها ثمانين مجلدًا فقط قبل وفاته.[٨]


كتاب شرح تشريح القانون لابن سينا

يُعد هذا الكتاب واحدًا من أبرز وأهم مؤلفات ابن النفيس، إذ تحرر فيه ابن النفيس من سيطرة جالينوس وابن سينا وأنكر ما لم تره عينه أو يصدقه عقله، وذلك عندما جمع فصول التشريح في كتاب (القانون) الذي ألفّه ابن سينا، وعلق عليها حسب كشوفاته وملاحظاته، والتي كان أبرزها أن عضلات القلب تتغذى من الأوعية الدموية داخلها وليس من الدم الموجود في أجوافه، إضافةً لوصف عمله في اكتشاف الدورة الدموية في الرئة، وغيرها.[٩]


وفاة ابن النفيس

توفي الطبيب الزاهد ابن النفيس في عام 1288 ميلاديًّا عن عمر يُناهز 75 عامًا مُخلفًا وراءه اكتشافات هامة في مجال الطب البشري.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح "Ibn an-Nafīs"، .britannica، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2021. Edited.
  2. ^ أ ب سلامة موسى، مقالات منوعة، صفحة 64. بتصرّف.
  3. John B West, Ibn al Nafis, the pulmonary circulation, and the Islamic Golden Age, Page 2. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث John B. West, "Ibn al-Nafis, the pulmonary circulation, and the Islamic Golden Age", ncbi.nlm.nih, Retrieved 29-4-2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت M Akmal, M Zulkifle, and AH Ansari, "IBN NAFIS – A FORGOTTEN GENIUS IN THE DISCOVERY OF PULMONARY BLOOD CIRCULATION", ncbi.nlm.nih, Retrieved 29-4-2021. Edited.
  6. ابن النفيس، شرح تشريح القانون لابن سينا، صفحة 115. بتصرّف.
  7. ابن النفيس، "المُختار من الأغذية"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2021. بتصرّف.
  8. "كتاب الشامل في الطناعة الطبية والادوية والأغذية"، الوراق. بتصرّف.
  9. ابن النفيس، "كتاب شرح تشريح القانون لابن سينا"، كتب اسلامية، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2021. بتصرّف.