من هو يوهان غوته؟

هو أديب وروائي ورجل قانون، ومؤلف مسرحيات، وشاعر بارز من رواد الأدب الحديث في القرنين الثامن والتاسع عشر.


وهو يوهان ولفغانغ غوته، أديب ألماني شغل عدّة مناصب حكومية بالإضافة إلى براعته في الشعر والرواية وتأليف الأعمال المسرحية، وامتلاكه حس أدبي وجمالي فريد من نوعه، كما تميّز بتعدد اهتماماته التي شملت عالم الطبيعيات بمُختلف جوانبه، وخلال حياته مر بالكثير من الاضطرابات والأحداث السياسية والحربية والعاطفيّة، إلا أنها لم تقف عائقًا في وجهه، فأثرى الأدب الألماني ووصل به إلى ذروته بكل ما أمكنه برفقة صديقه الأديب شيلر، ناهيك عن مساهماته الغزيرة والمختلفة من قصائد وأشعار وروايات ومسرحيات وسير ذاتية وغيرها.[١] [٢][٣]


مولد يوهان غوته

ولد غوته في مدينة فرانكفورت في ألمانيا في تاريخ 28-8-1749م، وكان والده يوهان كاسبار غوته يعمل مستشارًا إمبراطوريًا، أما والدته فهي كاثرينا إليزابيث تكستور، وكان لديه أربعة أشقاء آخرين.[٤]


ثقافة وتعليم يوهان غوته

لم يلتحق غوته بمدارس ابتدائيّة وإنما حصل على تعليمه في المنزل، فتعلم اليونانية، والإنجليزية، والفرنسية، والإيطالية في سن الثامنة على يد مدرسين مُتخصصين، عدا عن دروس العلوم المتنوعة، وأراد والده أن يسير على خطاه فيدرس القانون، ويجري جولة ثقافية في إيطاليا ويستقر من بعدها، وبالفعل اتبع غوته رغبة والده، فبدأ بدارسة القانون في جامعة لايبزيغ في عام 1765م، والتي كانت تحيي الأدب الألماني، فأصبح غوته مشدودًا للمؤرخين ومعلمي الفن.


في عام 1767م عاش غوته أول قصة حب مع ابنة كاتشين شونكوبف التي اختارت محامي آخر غيره، فانتقم غوته منها بأول مسرحيّة كوميدية أخرجها باسم (شركاء في الذنب) تدور حول امرأة ندمت بعد عام من زواجها بالرجل غير المناسب، وتأثر وضعه الصحيّ بشدّة بسبب حالته العاطفية، فعاد إلى منزله في فرانكفورت بدون شهادة جامعية، ثم تحوّل فكره الحر للتدين مُتبعًا المسيحية الإنجيلية، فكتب حينها مسرحية عن "فاوست" الشخصية نصف الأسطورية التي تُحاول كسب القوة والمعرفة من خلال بيع روحها إلى الشيطان، فغدا هذا العمل من أعظم أعماله الأدبية.


انتقل غوته إلى ستراسبورغ بقصد الدراسة والحصول على شهادة الدكتوراه، إلا أن أطروحته لم تُقبل، فدخل الامتحان الشفوي اللاتيني للحصول على إجازة في القانون، و في نفس المدينة التقى بالأديب المفكر يوهان هيردر، الذي أعجب به وتعلم منه الكثير، وأصبح يرى الأدب واللغة من منظور أنثروبولوجي جديد بأنه يُعبر عن عبقرية تاريخيّة لإحدى الشعوب، وثقافة وطنية، فجمع أغاني ألمانية شعبية وحاول كتابة بعضها بنفسه، وقام بجولة على ظهر الخيل في ريف الألزاس لتعلم الطقوس الشعبية للغته الأم، كما أنه انجذب إلى الطراز المعماري لكاتدرائية ستراسبورغ، ورأى فيها تحفة معمارية هائلة، وكتب في هذا مقال "عن العمارة الألمانية."


وللمرة الثانية وقع غوته في حب ابنة القس فريدريك بريون، لكنه بمجرد حصوله على شهادة البكالوريوس، تخلى عنها فجأة لأسباب غير واضحة، وقد أصبح موضوع المرأة والخيانة أحد أبرز الأفكار الراسخة في مُعظم مؤلفاته، ومن ثم شرع في ممارسة القانون في فرانكفورت، لكن شغفه الأدبي لم يتوقف، فكتب مسرحيته التي أطلق عليها اسم "غوتز فون بيرليشينغن" وهو نفس اسم البارون الذي قرأ مذكراته واستلهم منها، كما عمل في مراجعة مجلة فرانكفورت الفكرية الجديدة، فأصبح لاحقًا من أتباع حركة "العاصفة والإجهاد" الأدبية المشهورة حينها، التي تتسم بالليبرالية والثقافة الوطنية.


استمر غوته في مخطط والده، وذهب إلى فيتسلار للعمل في المحكمة العليا للإمبراطورية المقدسة ومن ثم عاد إلى فرانكفورت بعد مرحلة عذاب عاطفي جديدة، واستمر في الإنتاج الأدبي، ومن أبرز مؤلفاته في هذا الوقت كانت رواية "آلام الشاب فيرتر" التي لاقت نجاحًا باهرًا شأنها شأن العديد من أعمال غوته وترجمت للفرنسية والإنجليزية، بالإضافة إلى الأشعار والمسرحيات المميزة التي قدمها.


سافر غوته إلى جنوب ألمانيا لزيارة شقيقته كورنيليا، وزار سويسرا، ووصل إلى مدينة زيورخ وألّف قصيدته (On the Lake) بعد ذهابه في رحلة بالقارب، وعاد إلى فرانكفورت، وهناك حظي بدعوة لزيارة بلاط دوق فايمار "كارل أوغسطس" الذي عيّنه عضوًا في مجلس الملك الخاص، ومنحه كوخًا وحديقة خارج أسوار المدينة، كما تبنى فكرة إصلاح الإمارة، وشغل منصبًا في لجنة الحرب ولجان المناجم والطرق السريعة، وعمل وزيرًا لخزانة الدوقية مدة عامين ونصف أثناء سفره فأصبح رئيسًا للوزراء، ونائبًا رئيسيًا للدوقية يُمثلها في الشؤون الدبلوماسية، وتقرّب من زوجة فارس الدوق شارلوت فون شتاين التي كانت معتقداتها قريبة من أفكاره، وألّف خلال هذه المرحلة أشهر قصائده (Wanderer's Night Songs)، و(Over All the Peaks).


ولم يكن راضيًا بفكرة أنّه مسؤول كبير في فايمار، فسافر سرًا إلى قمة بروكين الأعلى في جبال هارتس وتسلقها، وألّف قصيدة أسماها "رحلة الشتاء في هارز"، ومن ثم غادر برحلة طويلة إلى سويسرا برفقة تشارلز أوغسطس، وكان حلم ذهابه لإيطاليا دائمًا يُرافقه، وزاد ميوله نحو الطبيعة والجيولوجيا فاتخذه بديلًا لنشاطه الأدبي، وعزم على السفر إلى إيطاليا تاركًا فايمار؛ لإكمال حلم والده حول مسيرته التعليمية، فوصل إلى روما مركز الحضارة الرومانية عام 1786 لكن حالتها خيبت أمله، وانتقل بعد عام إلى نابولي وتسلق جبل فيزوف، كما انضم إلى دائرة السفير البريطاني ويليام هاميلتون في نابولي وزوجته، وانطلق إلى صقلية، وطاف حول الجزيرة من باليرمو، وزار إينا، والمدرج اليوناني في تاورمينا، كما تسلق قمة صغرى لجبل إتنا، وعاد إلى روما ومنها إلى فايمار.


وعند عودته منحه الحاكم ميزات عظيمة وأعفاه من المهام الإدارية؛ ليتفرغ للشعر، ووقع في عشق كريستيان فولبيوس وألف أثناءها العديد من القصائد الرثائية الكلاسيكية وأنجب منها طفلًا لكن كان يُعاني من ضغوط المجتمع بسبب طبيعة علاقتهما، وقدّم من بعدها أول مأساة أدبية أوروبية وكان الشاعر بطلها وهي مسرحيّة "Torquato Tasso"، وزار من بعدها عدة أماكن منها البندقية، وسيليزيا، وكراكوف، وعانى من عزلة أدبية، وشارك بعدها أولى تجاربه الحربية في الحملات ضد فرنسا برفقه تشارلز أوغسطس ووصفها بالكابوس، فقد تركت هذه المرحلة أثرًا في مسيرته فألف بعض الأعمال حولها، كما أهداه تشارلز أوغسطس منزلًا له كمكافأة، وهو موجود الآن ويضم متحف غوته الوطني.


تعاون غوته مع فريدريش شيلر في مجلة أدبية بحتة في عصر السياسة أسموها "إي هورين"، وأنتجا قصصًا قصيرة ومرثيات رومانية، فكانت صداقتهما قويّة وطويلة الأمد وقيّمة أفادت كِلا الأديبين، ونشر غوته بعدها أعمال متنوعة، ودرس الفلسفة في جامعة جينا، ولم يتوقف عن الإنتاج الأدبي، وتأثر بشكل كبير بعد وفاة صديقه العزيز شيلر عام 1805، ولكنه بدأ بطباعة مجمعة من أعماله الأدبية بمساعدة الناشر يوهان كوتا، وعقب نجاته من حرب نابليون ومعركة ينا، تزوج رسميًا من كريستيان، وبعد الكثير من الأحداث المضطربة وهزيمة نابليون في معركة لايبزيغ، طُلب منه كتابة مسرحية ملكية احتفالًا بنصر الحلفاء والتي حملت اسم "Epimenides Awakes".


ثم تمحورت أعمال غوته من بعدها حول ثلاثة اتجاهات، أولها الكتابة الذاتية حول رحلته إلى إيطاليا وصقلية، والثانية حول زيارة غرب ألمانيا، والثالثة قبل خروجه من ألمانيا، وكان يُحاول الهرب من أحداث ونزعات عصره المضطربة، وقد توفيت زوجته، ثم استقال من منصبه كمدير لمسرح فايمار، وشرع في كتابة مذكرات السيرة الذاتية غير الشخصية، ووصف تجاربه العسكرية خلال الحملات ضد فرنسا وأبدى شغفًا جديًا نحو علم الأرصاد الجوية، وأمضى ما تبقى من حياته حول فايمار لكنه لم يستأنف الكتابة والتأليف حتى وفاته.[٥][٤][١][٣][٢]


أبرز مؤلفات يوهان غوته

من أبرز مؤلفات يوهان غوته ما يأتي:

  • ديوان النور والفراشة: ديوان كهذا يعدّ قيّمًا للعشاق ومحبي الشعر، فقد كُتب خصيصًا ليلامس أرواحهم وأعماقهم ويُشعرهم بلذّة الحب وعذابه، ويسوقهم في رحلة مميزة على قارب يسري بهم إلى بر الأمان ويقودهم للحرية والراحة مُتجاوزًا بحار وأمواج الألم التي تُغرق أحلامهم، وبعيدًا عن العالم الصاخب الذي يُقيّدهم ويزيد الحواجز بين المرء ونفسه.[٦]
  • آلام الشاب فيرتر.[٧]
  • إيفيجنيه في تاورس.[٢]
  • فيليلهم مايستر.[٢]


مسرحية فاوست

تتمحور هذه المسرحية الأسطورية حول الدكتور فاوست الذي يجتهد بكل ما أوتي من قوة وعزم في دراسة علوم الدين والفلسفة، فتنتزع منه الراحة واليقين، ليلجأ إلى الشعوذة والسحر تحت تأثير ضعف الإرادة والدين، مما يُصعّب عليه مواجهة الأفكار اللامرئية أي ما وراء الطبيعة التي تُمزقه، فيقطع تفكيره شوطًا طويلًا يشلّ حركته ويُقيّده تمامًا كما تأسره الذكريات في سجون الماضي، وينتهي الأمر به في محاولة الانتحار بالسم القاتل بعد أن تجرّدت نفسه من معاني الحياة وجمالها وغلبه الطمع البشري الذي يُصور له الأفضل كالحلم أو الوهم صعب المنال، لكن تقف الألحان والتراتيل حائلًا دون موته فيُلقي كأس السم من يده بعد أن اجتاحت الأناشيد العذبة نفسه وأعادت السلام إلى روحه فأعادته إلى الواقع مُتحديًا الألم ومُتغلبًا على الشر الداخلي الذي حكم عليه بالموت.


لقد غدت شخصية الدكتور فاوست التي خلقها غوته رمزًا أدبيًا غربيًا مشهورًا وبارزًا في الأدب المعاصر في مُختلف البلدان والحقب، كما رُسم لها بورتريه رمزي مُتعدد، وأصبحت البطل الرئيسي لجملة من الحكايات الشعبية على مر القرون الخمسة الماضيّة، والشخصيّة الرائدة على خشبة المسرح.[٨]


أشهر أقوال يوهان غوته

من أشهر أقوال يوهان غوته ما يأتي:[٩]

  • الأفكار الجريئة مثل تقدم جنود الشطرنج إلى الأمام، قد يتعرضون للضرب، لكنهم قد يبدأون مباراة رابحة.
  • التفكير سهل، ومن الصعب التصرف، لكن أصعب شيء في العالم هو التصرف وفقًا لتفكيرك.
  • الرجل يرى في العالم ما يحمله في قلبه.


وفاة يوهان غوته

توفي يوهان غوته في مدينة فايمار في تاريخ 22-3-1832م، وكان يبلغ من العمر 83 عامًا.[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب "غوته يوهان فولفغانغ"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "Johann Wolfgang von Goethe", oxfordreference, Retrieved 28-7-2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Johann Wolfgang von Goethe"، poets، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. Edited.
  4. ^ أ ب "Johann Wolfgang von Goethe"، ep.utm، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. Edited.
  5. Nicholas Boyle, "Johann Wolfgang von Goethe", britannica, Retrieved 28-7-2021. Edited.
  6. يوهان غوته، "النور والفراشة"، المكبتة الإلكترونية، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  7. يوهان غوته، " آلام فيرتر"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. بتصرّف.
  8. يوهان غوته، "فاوست"، مكتبة فولابوك، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2021. بتصرّف.
  9. "Johann Wolfgang von Goethe Quotes", goodreads, Retrieved 28-7-2021. Edited.