من هو نيكوس كازانتزاكيس؟

هو كاتب، وفيلسوف يوناني، وأحد أعلام القرن العشرين الميلادي.


وهو نيكوس مايكل كازانتزاكيس، والذي يُعد واحدًا من أهم الكُتّاب والفلاسفة اليونانيين في القرن العشرين، حيث ساهمت أعماله بشكلٍ كبير في تقدّم الأدب اليوناني الحديث، وذلك لغزارة إنتاجه وأعماله، والذي يشتمل على مقالات، وروايات، وقصائد، ومآسي، وكتب رحلات، وترجمات لأعمال كلاسيكية هامة، مثل الكوميديا الإلهية لدانتي، ومسرحية فاوست فون لجوته، كما أن من يتتبع كتابات كازانتزاكيس يجده شديد التأثر بأفكار الفلاسفة الكبار أمثال نيتشه، وبيرغسون، إلى جانب الفلسفة الماركسية، والبوذية، كما ركز كازانتزاكيس في معظم رواياته على الحديث عن تاريخ وثقافة بلده، بالإضافة إلى العلاقة الصوفية بين الإنسان والله، وفي عام 1957م تم ترشيحه لنيل جائزة نوبل في الآداب، إلا أنه خسرها بفارق صوت واحد عن منافسه الكاتب "ألبير كامو".[١][٢]


مولد نيكوس كازانتزاكيس ونشأته

ولد نيكوس كازانتزاكيس في تاريخ 18 من شهر شباط/ فبراير في عام 1883م، في مدينة هيراكليون في جزيرة كريت اليونانية، علمًا أنّ هذه الجزيرة في ذلك الوقت كانت لا تزال تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، والده هو مايكل كازانتزاكيس والذي كان يعمل مزارعًا، وتاجرًا في علف الحيوانات، أما والدته فهي ماريا كريستودولسكي، وبعد ولادة نيكوس بفترة قصيرة قامت في جزيرة كريت ثورة ضد الحكم العثماني، فاضطرت عائلته للهرب إلى جزيرة ناكسوس اليونانية، والإقامة فيها لحين انتهاء أعمال العنف.[٣][٢]


مسيرة نيكوس كازانتزاكيس العلمية والعملية

ارتاد كازانتزاكيس جامعة أثينا لدراسة القانون وذلك في الفترة الواقعة ما بين عامي 1902-1906م، بعد ذلك انتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث درس فيها الفلسفة على يد "هنري بيرغسون"، والذي كان له أثرٌ كبير على تشكيل فكر كازانتزاكيس، حيث أظهر اهتمامًا كبيرًا بنيتشه، وأفكاره الفلسفية، والمعتقدات الفلسفية المسيحية والماركسية والبوذية، كما أن كلاهما كان لديهما القناعة في أن الحدس هو مصدر المعرفة الحقيقية، وقد بدأ نيكوس آنذاك في ممارسة الكتابة بشكلٍ جاد.


وبعد تخرجه في عام 1909م، بدأ كازانتزاكيس رحلاته إلى العديد من الدول مثل إسبانيا، وإنجلترا، وروسيا، ومصر، وفلسطين، واليابان، وأخيرًا استقر في جزيرة إيجينا اليونانية، حيث شغل العديد من المناصب الإدارية الهامة مثل مدير عام لوزارة الرعاية الاجتماعية في عام 1919م، ووزير في الحكومة اليونانية في عام 1945م، ومستشار أدبي في اليونسكو في عام 1946م في باريس، وقد استمر في هذا المنصب حتى عام 1948م، ثم انتقل بعدها للإقامة في منطقة أنتيب في فرنسا، بالإضافة إلى ذلك فقد تولى كازانتزاكيس منصب رئاسة الجمعية الأدبية اليونانية.


أما من الجانب الإنساني لكازانتزاكيس، فقد كان مسؤولًا عن إنقاذ وإطعام أكثر من 150000 يوناني، وقد كانوا ممن حوصروا في منطقة القوقاز التابعة للاتحاد السوفيتي، نتيجة الحرب الأهلية التي كانت قائمة آنذاك، وفي عام 1956م حصل على جائزة السلام الدولية في فيينا.[٣][٤]


إنجازات نيكوس كازانتزاكيس الأدبية

كان كازانتزاكيس فيلسوفًا أكثر من كونه كاتبًا، وكان لديه المهارة في صقل كتابته بقالب فلسفي متميز، كما أنه حاول جمع وجهات النظر المختلفة للعالم في أعماله، وقد قام بإصدار كتابه الفلسفي الأول في عام 1927م، وكان تحت عنوان "Askitiki"، وفي عام 1938م بالتحديد، قام بنشر ملحمته الشعرية "الأوديسة"، بعد مراجعتها باستمرار لمدة 13 عامًا، أي منذ عام 1925م، والتي تُعد تكملة معاصرة لقصة "أوليسيس"، وقد بدأها من النقطة التي انتهى عندها الفيلسوف "هوميروس"، وهي تتكون من 33,333 بيتًا شعريًا.


وإلى جانب ذلك، فقد اشتهر كازانتزاكيس بأعماله النثرية التي كتبها في السنوات الأخيرة من حياته مثل "زوربا اليوناني"، و"الحرية أو الموت"، و"العاطفة اليونانية"، و"الإغواء الأخير للمسيح" وقد تسبب هذا الكتاب بجدلٍ كبير عند صدوره في عام 1955م، كما أثار غضب الكنيسة المسيحية بجميع طوائفها، وعندما تم وضعه ضمن القائمة السوداء من قِبل الفاتيكان، كتب نيكوس كازانتزاكيس:‏ ”أيها الآباء المقدسون لقد قدمتم لي اللعنة، أما أنا فأقدم الشكر لكم، أتمنى أن يكون ضميركم صافياً كضميري، وأن تكونوا أخلاقيين ومتدينين مثلي”.[١]


زوربا اليوناني

تُعد رواية زوربا اليوناني من أشهر أعمال الكاتب نيكوس كازانتزاكيس، والتي كانت المفتاح لتعريف العالم به وبأعماله، وقد صدرت هذه الرواية للمرة الأولى باللغة اليونانية، وذلك في عام 1946م، وهي تروي قصة كاتب ومفكر يقرر افتتاح منجم للفحم في جزيرة كريت، فيلتقي بالصدفة بأحد القرويين من سكان الجزيرة يدعى زوربا، والذي على الرغم من كونه أُميّ وغير متعلم، إلا أنه محب للحياة، ومفعم بالحماسة، ويستمتع بأدق التفاصيل البسيطة كالأكل، والشرب، والرقص، كما أنه لا يولي الكتب، والتعليم الأكاديمي أيّ اهتمام، بل يستمد خبرته من المواقف والتجارب الحياتية المختلفة، وتتناول الرواية العلاقة التي تكونت بين الكاتب وزوربا، وتأثير الأخير على حياة الكاتب، وقدرته على إخراجه من القوقعة التي حبس نفسه فيها، وتعليمه معنى السعادة الحقيقي، والمتمثلة بأبسط الأشياء، حيث تنتهي القصة بطلب الكاتب من زوربا أن يعلمه الرقص قبل مغادرته الجزيرة.


استلهم كازانتزاكيس شخصية زوربا من أحد الأشخاص الذين قابلهم خلال أسفاره المتعددة، والذي لفت انتباهه بشخصيته المرحة، وحبه للحياة بجميع حالاتها، فهو لا يسمح للحظات الحزينة بالتأثير عليه، بل يحاول دائمًا الشعور بالفرح والسعادة حتى في أشد لحظاته حزنًا، ولهذا كله قرر كازانتزاكيس كتابة رواية تحمل إسمه، ويُعد من أكثر ما يميز رواية زوربا اليوناني قدرة الكاتب الهائلة على وصف شخصية زوربا بشكلٍ مفصل وعميق، حتى أن القارئ يشعر لوهلة بأنها شخصية حية، وهذا ما جعل للرواية تأثيرًا هائلًا على جمهور القرّاء.[٢][٥]


وفاة نيكوس كازانتزاكيس

توفي نيكوس كازانتزاكيس في تاريخ 26 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر في عام 1957م، في المدينة الألمانية فرايبورغ إم بريسغاو، عن عمرٍ يناهز 74 عامًا، وذلك نتيجةً لتشخيصه بمرض سرطان الدم، وبعد رفض الكنيسة الأرثدوكسية اليونانية بدفنه في أثينا، تم نقل جثمانه ودفنه في مسقط رأسه جزيرة كريت، وتنفيذًا لرغبة كازانتزاكيس، قد نُقش على قبره عبارة: "لا أتمنى شيئًا، لا أخشى شيئًا، أنا حر".[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب "Nikos Kazantzakis", interkriti, Retrieved 23/8/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت "Nikos Kazantzakis", authorscalendar, Retrieved 23/8/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Níkos Kazantzákis", britannica, Retrieved 23/8/2021. Edited.
  4. "NIKOS KAZANTZAKIS", kazantzaki, Retrieved 23/8/2021. Edited.
  5. "زوربا اليوناني"، مكتبة نور، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2021. بتصرّف.
  6. "Níkos Kazantzákis", historical-museum, Retrieved 23/8/2021. Edited.