من هو توفيق الحكيم؟

هو أديب، وروائي، وكاتب مسرحيات مصري، وهو الملقب برائد المسرح الذهني.


وهو توفيق إسماعيل الحكيم، من رواد الأدب الحديث، ومن مؤسسي المسرح من ذوي الفن الكتابي المسرحي العربي الفكري والذهني، إذ صدر له عددًا جيدًا من المسرحيات، ولم يتم تمثيل سوى القليل منها، وذلك لصعوبة أدائها، إذ يذكر بأنها كُتبت لتُقرأ، بحيث تخوض في ذهن القارئ وأفكاره مباشرة لتقوم بأدوارها داخل أفكاره.[١]


مولد توفيق الحكيم

ولد الكاتب والروائي المصري توفيق الحكيم في الإسكندرية عام 1898م في التاسع من أكتوبر، ويعود أصل نشأته إلى الريف، إذ كان والده من أغنياء الفلاحين آنذاك، وهو يعمل في السلك القضائي، ووالدته تركية الأصل، وهي ابنة أحد الضباط الأتراك، وقد كانت أرستقراطية، الأمر الذي انعكس على توفيق في طفولته، إذ منعته من الانخراط مع الفلاحين وأقرانه من الأطفال، مما دفعه إلى الاعتماد على ذهنه وأفكاره، لتكون عالمًا عقليًا داخليًا خاصًا به، يربط فيه بين خياله وأفكاره، إضافة إلى واقعيته المحيطة به.[٢][١]


ثقافة توفيق الحكيم وتعليمه

تلقّى توفيق الحكيم تعليمه في الابتدائي في مدارس قريبة من محيط سكن عائلته من مثل مدرسة دمنهور الابتدائية والمدرسة الحكومية في البحيرة، ولكن عند بدء دراسته الثانوية، انتقل إلى القاهرة ليكملها عند أعمامه ويواصل تعليمه في مدرسة محمد علي الثانوية، الأمر الذي حرره قليلًا من تحكّم عائلته، ومن ثم قرر تعلم التمثيل والموسيقى، ليجد ميوله الفنية الخفية.[٢][١]


وفي عام 1921م تخرّج توفيق الحكيم حاملًا شهادة البكالوريا، وقرر التسجيل والالتحاق بكلية الحقوق، نزولًا عند رغبة والده، ليتخرج منها عام 1925م، من ثم متابعة دراسته العليا في باريس/فرنسا، ولكن سحر باريس وفنها تمكنّا من سلب قلبه ومشاعره وميوله، ليجد نفسه يتجه نحو الأدب المسرحي، منتجًا بذلك مسرحية "أمام شباك التذاكر" التي كتبها بالفرنسية عام 1926م، ثم عاد بعد ذلك إلى مصر، وتسلّم منصب وكيل نائب عام 1930م، من ثم منصب مفتش تحقيق في وزارة المعارف عام 1934م، ليترأس بعدها إدارة الموسيقى والمسرح في الوزارة ذاتها عام 1937م، والتي استقال منها عام 1944م، وهنا كانت بداية توفيق الحكيم الروائي والأديب.[٢]


أسلوب توفيق الحكيم الروائي

بدأ أسلوب توفيق الحكيم الكتابي بشيء من الاضطراب كما وصفه النقاد، وذلك مع مسرحيته الأولى "أهل الكهف"، ولكن ما لفت الأنظار إلى كتاباته هو مزجه ما بين الرموز في كتاباته ومسرحياته، إضافة إلى واقعيتها الملامسة إلى ما يعيشون آنذاك، فما أبدع توفيق الحكيم فيه وأصبح دلالته في عالم الرواية والمسرح، هي رموزه غير المبالغ فيها، وما توحي إليه من حقيقة واقعة فعليًا، علاوة على المعاني الكثيفة المتخللة في كتاباته، والدالة على عمق تفكيره، وقدراته العالية في الصياغة والتصوير، ولكنها نفسها من لمّحت إلى قصور في أسلوبه، وعدم نضج ظاهر فيها، ولكنه رغم هذه الانتقادات؛ إلا أنه اختار المسرح ووجه فكره وجهده فيه وإليه، لإيمانه التام بأن المسرح يعالج العام من القضايا والمشاكل، بحيث يطرحها على المسرح دون أية تفاصيل، لتظل هي مركز الاهتمام الرئيسي، وهو ما جنّبه الروايات لكثرة تفاصيلها ودقتها، وهذا ما أشار إليه في مجلة المسرح عام 1964م.[١][٣][١]


أما المرحلة الثانية في كتابات الحكيم فإنها كانت تنم عن نضوج لغوي حاصل في صياغته، وظاهر لمن يقرأ مسرحياته، ويقارن فيما بينها ملكة التعبير تطورت بشكل ملحوظ، ليخرج بمسرحية شهرزاد، ومسرحية الخروج من الجنة، وغيرها العديد، أما عما قاله النقاد حول توفيق الحكيم في المرحلة الثالثة من النضوج في عالم الأدب والرواية؛ فهو أن قدراته قد ظهرت وتجلت بشكلها الكامل لتظهر تعبيراته والصياغة الخاصة به في أبهى حلة، وأعظم معنىً ودلالةً، وظهر ذلك في مسرحيات مثل؛ سر المنتحرة، ونهر الجنون.[١]


منهج توفيق الحكيم الأدبي

إن الناظر في كتابات توفيق الحكيم، يجد أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل، بالاعتماد على تطوره هو في أدب المسرح، فقد بدأ مرحلته الأولى في مسرح الحياة، الذي تدور أحداثه حول سلوكيات المجتمع، لينتقل إلى مرحلة المسرح الذهني، وهو ما لمع نجم الحكيم فيه، نظرًا لبراعته في الرموز والأفكار المجردة، ليعود إلى مسرح الحياة، ولكن هذه المرة بطرح قضايا ذات أهمية، وتجسيدها في إطار درامي.[٤]


وبذلك؛ انتهى توفيق الحكيم في كتاباته إلى نقد الحياة والمجتمع، معتمدًا على قدر كبير من الوعي والعمق، ليخلق رموزًا لرواياته ومسرحياته، تثير فكر القارئ بما يجعله يقيم المسرحية ومثلها داخل عقله، ومن هنا جاء استحقاق لقب رائد المسرح الذهني، فأعماله صعبة التمثيل في الواقع، لكنها أحداث متكاملة لإعمال العقل وإقامتها داخله، وقد صرح في هذا الشأن قائلًا: "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارًا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز، لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح، ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة"، وقد تأثرت أعماله بالتراث المصري القديم، مثل؛ العصر الفرعوني، والروماني، والقبطي، والإسلامي.[١]، وملخص ما قد يشرح منهج أدب وكتابات الحكيم وأسلوبه، هو إطلاق العقل وأفكاره في مسرحه الذهني، وإسقاط الرموز على الواقع لتتضح صورة المسرحية.


أساتذة توفيق الحكيم

تأثر توفيق الحكيم بالأديب والناقد طه حسين، رغم الاختلاف في الأسلوب الروائي بين الاثنين، إلا أن تقديره وتأثره به كان جليًا، إذ تعاون الطرفين عام 1937م في قصة "القصر المسحور"، وقد أشار طه حسين إلى توفيق الحكيم بأنه "كل ما يمكن أن يقال أنه يعلو عن المستوى العادي للفنان الأوروبي".[٢]


أشهر مؤلفات توفيق الحكيم


  • مسرحية أهل الكهف، نُشرت عام 1933م، وقد تمت ترجمتها إلى عدة لغات، منها؛ الفرنسية والإيطالية، إذ لاقت انتشارًا واسعًا نتيجة افتتاحه للمسرح القومي والأدب الحديث والمعاصر، تدور أحداثها بشكل رئيس حول صراع الإنسان مع الزمن، إذ كان أبطالها نائمين، وبعد استيقاظهم من السبات الطويل، اختلفت الحياة والعلاقات والروابط أمامهم، ليكتشفوا جوهر الحياة، وهنا ارتكز توفيق الحكيم في شخصياته على أنها وهم زائد كما ذكر "إسماعيل أدهم وإبراهيم ناجي" في كتابتهم عنه، إذ إن المسرحية تقوم على التحليل واللاوعي في العقل الباطن، ليدل على عدم توازن مشاعر وعواطف الأشخاص في حياتهم، وبالتالي أنّ الحياة ليست إلا مجرد حلم يقظة.[٢]
  • مسرحية عودة الروح، وهي من أهم مؤلفات توفيق الحكيم، وهي عبارة عن جزأين من 43 فصلًا، تمت كتابتها عام 1927م، ونُشرت عام 1933م، وهي مسرحية تُظهر بشكل جلي تأثر كاتبها بالحروب التي عايشها، إذ تدور أحداثها حول أسرة ريفية بسيطة اسمها "الشعب"، محسن"بطل المسرحية" فيها، وحياته الجديدة عند أعمامه والمغامرات التي شهدها في ذلك الوقت، منها الثورة ومشاركته فيها وبالمظاهرات المؤيدة.[٥]، وقد ذُكر في كتاب "توفيق الحكيم" أن رواية ومسرحية عودة الروح؛ تعود إلى شخص توفيق الحكيم نفسه، إذ تظهر جميع صفاته فيها، إلا أنه يجعلها على لسان شخصيات أخرى، وهي الرواية التي سمحت بقراءة ومعرفة شخصية توفيق الحكيم بشكل أعمق وأكبر.[٢]، وقد تُرجمت ونُشرت باللغة الروسية عام 1925م، واللغة الفرنسية عام 1937م.[٦]


أشهر أقوال توفيق الحكيم

هناك عدّة مقولات مشهورة لتوفيق الحكيم، منها:

  • "الحقيقة واحدة، ولكنها كالبحر تختلف باختلاف الشواطئ التي تغشاها".[٢]
  • أما في مقدمة كتابه "فن الأدب" فيقول الحكيم واصفًا الأدب: "الأدب هو الكاشف الحافظ للقيم الثابتة في الإنسان والأمة، الحامل الناقل لمفاتيح الوعي في شخصية الأمة والإنسان، تلك الشخصية التي تتصل فيها حلقات الماضي والحاضر والمستقبل..". [٦]


وفاة توفيق الحكيم

توفي الأديب توفيق الحكيم عام 1987م في القاهرة بمصر، عن عمر يناهز 90 عامًا، تاركًا خلفه تراثًا أدبيًا رفيعًا يقدر بما يقارب 100 مسرحية، و62 كتابًا.[١]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د محمد امير الرجال العارفين، دراسة تحليلية بنيوية توليدية في قصة قصيرة أرني الله لتوفيق الحكيم، صفحة 50-51 54.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ إسماعيل أدهم وإبراهيم ناجي، توفيق الحكيم، صفحة 81 55.
  3. دار الشروق، توفيق الحكيم ملامح داخلية، صفحة 60.
  4. محمد سعيد الغامدي، التنظير المسرحي عند توفيق الحكيم، صفحة 50.
  5. سامر صدقي محمد موسى، رواية السيرة الذاتية في أدب توفيق الحكيم دراسة نقدية تحليلية، صفحة 24-25.
  6. ^ أ ب توفيق الحكيم، فن الأدب، صفحة 1 6.