من هو صمويل بيكيت؟

هو أديب وشاعر وأستاذ وروائي وكاتب مسرحيات بارز من رواد الأدب الحديث في القرن العشرين.


وهو صمويل بيكيت، أديب من أصول إيرلندية، ويُعد من أبرز الكتاب الذين ساهموا بكتابات فريدة من نوعها باللغتين الفرنسية والإنجليزية، فأضافوا من خلالها لمسة جديدة إلى عالم الدراما والروايات، فقدّم العديد من الأعمال الإبداعية النقدية والمتنوعة التي شملت تجاربه الشخصية الذي عاشها في ظل اندلاع الحرب العالمية الثانية، وترجمت مشاعر الحرمان، والجوع، والذعر، والنفي، وانعدام الأمن الممزوجة بروح الدعابة والفكاهة السوداوية التي تجذب العقول، ومن أشهر أعماله الدرامية مسرحية "في انتظار جودو"، بالإضافة للعديد من المسرحيات الأخرى المميزة، فكُرمت مسيرته الأدبية الناجحة بحصوله على جائزة نوبل للأدب في عام 1969م. [١][٢][٣]


مولد صمويل بيكيت ونشأته

ولد صموئيل بيكيت في مدينة فوكسروك التي تقع في مقاطعة دبلن في إيرلندا في تاريخ 13-4-1906م، وكان ينتمي لأسرة ذات خلفية بروتستانتية أنجلو أيرلندية حاله حال الأدباء أوسكار وايلد، وجورج برنارد شو، وويليام بتلر ييتس وغيرهم.[٤]


تعليم صمويل بيكيت

ارتاد صمويل بيكيت مدرسة بورتورا الملكية في إيرلندا الشمالية بينما كان يبلغ من العمر 14 عامًا، ودرس اللغات الرومانسية في الفترة من عام 1923-1924م، وحصل على درجة البكالوريوس من كليّة ترينيتي في مدينة دبلن، وعمل في مهنة التدريس في العاصمة الإيرلندية بلفاست، ومن ثم انتقل إلى باريس وعُين قارئًا في المدرسة العليا للتعليم العالي هناك في عام 1928م، وخلال هذه المرحلة من حياته تعرّف على مؤلف الرواية الجدلية المثيرة (أوليسيس) وهو الأديب الإيرلندي المنفي جيمس جويس، وفي عام 1930 شغل منصب محاضر في اللغة الفرنسية في كلية ترينيتي بعد عودته إلى موطنه أيرلندا، واستقال بعد أربعة فصول دراسية فقط من تعيينه.


سافر صمويل في جولة شملت عدّة دول أوروبية، مثل فرنسا، ولندن، وإيطاليا، وألمانيا، واستقر في النهاية في باريس منذ عام 1937، وبقي فيها كمواطن ضمن بلد محايد رغم احتلال ألمانيا لباريس خلال الحرب العالمية الثانية، وخلال هذه الفترة انضم إلى جماعة مقاومة سرية في عام 1941، إلا أن الغيستابو (البوليس السري الألماني) قبضوا على أعضائها فاضطر صمويل للهرب والاختباء في منطقة آمنة في فرنسا، وعمل هناك كعامل زراعي لإعالة نفسه، وخلال فترة هروبه قدّم العديد من المسرحيات والأعمال لكنها لم تُنشر إلا في خمسينيات القرن العشرين، وذلك بمساعدة من زوجته سوزان ديشيفو دومسنيل.


ومع اقتراب نهاية الحرب العالمية تطوّع صمويل في الصليب الأحمر الإيرلندي، وعمل مترجمًا في مستشفى عسكري في منطقة نورماندي، قبل عودته واستقراره في باريس، ولم يتخلى أبدًا عن الكتابة بل حقق الكثير من الشهرة، وعُرضت بعض أعماله في المسارح في باريس ومنها مسرحية "في انتظار جودو"، ولكنه كان يتجنب اللقاءات التلفزيونية والأضواء، وحصل خلال مسيرته المهنية في عام 1969م على جائزة نوبل للأدب، كما حصل على جائزة "كروا دي جويري" الفرنسية العسكرية.[٤][٣][١]


أسلوب صمويل بيكيت الإنشائي والروائي

يُعد بيكيت من رواد التيار العابث الذي يرتبط بالتكرار والمأساوية التي تقود إلى الضياع الذي يُصيب أبطال مؤلفاته بعد فقدانهم الصلة بالمجتمع والعالم، لكنه في نفس الوقت رغم سوداويته إلا أنه يحتوي لمسات من الحنان، ومواقف تتضمن الفكاهة، وتتمحور بنية بيكيت السردية والروائية حول صورة واضحة ومحددة، فغالبًا ما يميل للتكرار في المواضيع لكن بشكل وتنويع مختلف، وتمثل هذه البنية تعبيرًا عن ما يدور في خاطر بيكيت نفسه من أفكار تتطور مُتجهة للفراغ فتقصر النصوص، ويقل اكتمال التراكيب النحوية، وتبدأ علامات الترقيم بالاختفاء حتى تُصبح معدومة في النصوص الأخيرة لكتاباته.


أما أسلوبه اللغوي، فإن اللغة تعد العنصر الأبرز والأهم عند بيكيت، لكنه يُفقدها مضمونها ووظيفتها التواصلية بشكل تدريجي مع تقدم الأحداث، لتنتهي إلى أصوات خالية من المعنى تُشبه الصراخ أو التنهد أو حتى الصمت، وتميل أعماله نحو البساطة المتزايدة التي تفتقر بشكل كبير للحبكة.[١]


أبرز مؤلفات صمويل بيكيت

قدّم صمويل بيكيت العديد من الكتب والمسرحيات والروايات المتنوعة، وأبرزها ما يأتي:

  • نهاية اللعبة: تُترجم هذه المسرحية جملة من الحكم وتحمل في مضمونها الكثير من المعاني العميقة، وتستنكر فكرة الانتحار كحل للهروب من الواقع؛ إذ إن هذه النهاية التي تقود للموت قد لا تُشعر صاحبها بالسكينة والطمأنينة والراحة التي كان يبحث عنها، كما تُشير إلى استحالة ديمومة الأشياء وبقائها للأبد، وهي ثاني مسرحيات الأديب الإيرلندي صمويل بيكيت من بعد مسرحيته الناجحة "في انتظار جودو"، وتتسم بالقوّة والتقنية الكبيرة، والدراما العميقة التي تقدم فيها المؤلف عن سابقتها التي وظّف فيها أساليب الرواية والشعر.


إلا أن مسرحية "نهاية اللعبة" تبدو مُختلفة، فهي تضم تقنيات مسرحية فريدة من نوعها وأدوات موظفة خصيصًا في اللغة، وفي سبيل خلق الحركة والحوار، وانتقال الشخصيات والأبطال، وتُعد من الأعمال الدرامية المميزة والناجحة التي شكلت نقطة تحول في مسار بيكيت المسرحي، رغم أنها تتشابه في اللغة والمناخات والشخصيات مع باقي مؤلفاته بشكل كبير أحيانًا.[٥][٦]

  • مالون يموت: تتصف هذه المسرحية بالكمال والتفكك في نفس الوقت، وتُصنّف الثانية في ثلاثية بيكيت الروائية التي بدأها برواية "مولوي" وأنهاها برواية "اللامسمى"، وتُمثل نقطة انعطاف في كتابات صمويل بيكيت التي يستخدم فيها اللغة وأساسيات السرد غير التقليدي لإيصال الفكرة المركزية في رواياته للقارئ، مُتجنبًا تقنيات الحبكة ووضع الرواية وتطور الشخصيات فيها، ومن جهة أخرى فقد ألفها بيكيت ونشرها في اللغة الفرنسية في عام 1951 قبل أن يُترجمها للغة الإنجليزية. [٧]
  • كتاب خمس مسرحيات تجريبية: وهو كتاب ألّفه صمويل بيكيت وجمع فيه 5 مسرحيات مُختلفة في آن واحد، أما الأولى التي شكلت المقدمة فتحمل اسم "شريط تسجيل كراب الأخير"، وتليها مسرحية "اسكتش إذاعي رقم 1"، يأتي بعدها "كلمات وموسيقى" ومن ثم تأتي مسرحية "المشهد الأخير من المأساة"، وأخيرًا "ماذا أين؟".[٨]


مسرحية في انتظار جودو

وهي مسرحية عالميّة حملت في مضمونها تصوّر للواقع الإنساني الحديث بصفاته الحقيقية والواقعية التي تتأرجح بين التشوش والحيرة وتشابك الأقطاب والأطراف، بالإضافة إلى البُؤس والعمى الذي يكتنزه الإصرار على المجهول بحثًا عن الخلاص الكلي، وتدور أحداث المسرحية حول رجلين أحدهما يُدعى استراغون، والآخر فلاديمير، ينتظران شخصًا اسمه جودو، وذلك ضمن إطار شيّق مليء بالحبكة القصصية والجدل والدراسة والتحليل لهذه الشخصيّة من خلال المعاني الخفيّة التي تتضمنها أحداث المسرحية التي تشمل الكثير من المشاعر المُختلطة التي تتجلى في اليوميات، والتفاصيل، والملابس، والمظاهر الخارجية، والحوار بين الشخصيات.


وتختلط هذه المشاعر بالضحك الموصول بالنهاية الحتميّة، والسكون الذي لا خلاص منه، والمغادرة الممنوعة، فالانتحار حتى غير مُمكن، والحركة مُقيدة في حال عجز المرء عن التحكّم بوقائع حياته البسيطة والعظيمة، ومن هنا يبني المؤلف بيكيت ابتسامة مبنية على الفراغ والعدم، والموت الداخلي البطيء، ومن جهة أخرى فقد حظيت المسرحية بعناية فائقة وبمكانة أدبية عريقة لم تُنافسها فيها مسرحية أخرى على الإطلاق، فشكّلت محور تحوّل في المسرح العالمي خلال القرن العشرين، وقُيّمت كأهم عمل مسرحي في القرن العشرين في اللغة، كما ترجمت لعدّة لغات من بينها اللغة العربية، وجرت ترجمتها بدقّة فائقة ومسؤولية واهتمام كبير نظرًا لمكانتها المميزة.[٩][١٠]


أشهر أقوال صمويل بيكيت

من أشهر أقوال صمويل بيكيت ما يأتي:[١١]

  • دموع العالم كمية ثابتة، فإذا بدأ شخص في البكاء في مكان ما يتوقف شخص غيره عن البكاء في مكان آخر، وينطبق الشيء نفسه على الضحك.
  • الذكريات تقتل؛ لذلك يجب ألا تفكر في أشياء معينة عن ما هو عزيز عليك، أو بالأحرى يجب أن تفكر فيها؛ لأنه إذا لم تفعل سيتكون هناك خطر العثور عليها في ذهنك، شيئًا فشيئًا.
  • أنت على الأرض ولا يوجد علاج لذلك.
  • لقد ولدنا جميعًا مجانين، لكن البعض لا يزال كذلك.
  • حاول مجددًا، وعندما تفشل مرة أخرى ستفشل بشكل أفضل.


وفاة صمويل بيكيت

توفي صموئيل بيكين في مدينة فرنسا في باريس في تاريخ 22-12-1989 م، وكان يبلغ من العمر 83 عامًا.[٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت حنان قصاب حسن، "صمويل بيكيت"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  2. "Samuel Beckett", oxfordreference, Retrieved 30-7-2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Samuel Beckett", nobelprize, Retrieved 30-7-2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت Martin J. Esslin, "Samuel Beckett", britannica, Retrieved 30-7-2021. Edited.
  5. صمويل بيكيت، "نهاية اللعبة"، مكتبة فولا بوك، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  6. صمويل بيكيت، "نهاية اللعبة"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  7. صمويل بيكيت، "مالون يموت"، فولابوك، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  8. صمويل بيكيت، "خمس مسرحيات تجريبية"، المكتبة الإلكترونية، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  9. صمويل بوكيت، "في انتظار جودو"، مكتبة النور، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  10. صمويل بيكيت، "في انتظر جودو"، المكتبة الإلكترونية، اطّلع عليه بتاريخ 30-7-2021. بتصرّف.
  11. "Samuel Beckett Quotes", goodreads, Retrieved 28-7-2021. Edited.