من هو عباس العقاد

هو كاتب وصحفي وناقد أدبي وسياسي وشاعر، من أبرز الكتاب والمفكرين في العصر الحديث.

 

وهو عباس محمود العقاد، من رواد وعمالقة الأدب، ومبتكري الشعر والنقد العربي، وأيقونة من أيقونات النهضة الأدبية في القرن العشرين، وهو بمثابة موسوعة وشخصية مُثقفة ومُتفردة، فقد امتاز بغزارة وتنوع أعماله ومؤلفاته التي تركت بصمة واضحة في مختلف أنواع الفنون الجميلة من الشعر، والفلسفة، والأدب، وغيره، وله دور كبير في زيادة الوعي والثقافة المجتمعية، ومن الداعين للأصالة والابتكار والتميّز بدلًا من التقليد والتبعية.[١][٢]


مولد عباس العقاد ونشأته

وُلد عباس العقَّاد في محافَظة أسوان في مصر بتاريخ 28-6-1889 م، وكان والده يعمل بإدارة السجلات، ودرس عباس وحصل على الشهادة الابتدائية، ثم عكف على القراءة، وثقف نفسه بنفسه، وجمعت مكتبته ما يزيد على 30 ألف كتابًا، كما أنه عمل في وظائف حكومية حتى يُعيل نفسه لكنه وجدها سجنًا لثقافته وأدبه، فتركها وعمل بجريدة الدستور ليبدأ مسيرته ككاتب وصحفي بعدها.[٣][٢]


ثقافة عباس العقاد ومسيرته العملية

كان عباس قارئًا نهمًا يطالع الكتب في مختلف المجالات، وقرر اتباع نهج التعلم الذاتي من خلال قراءة مختلف فروع المعرفة واستكشافها، فاكتسب مواهب مميزة، وغدا مُحاورًا لبقًا ومُقنعًا وبليغًا، وفي سنوات شبابه الأولى تولى عدة وظائف حكومية، وسافر إلى القاهرة بصورة متكررة طلبًا للعلم وحرصًا على بقاء التواصل الدائم بتطورات الأدب، ثم استقال في عام 1906 ميلاديًّا من وظائفه الحكومية ليتفرغ للكتابة والصحافة.


وفي بداية مسيرته الأدبية خاض العديد من المعارك، خاصةً فيما يتمحور حول الشعر، فكان من الشعراء والرواد المبتكرين للشعر العربي، وكان صراعه ما بين التقليد والابتكار، إذ شدد برأيه على القيمة الفردية للشعراء، كما كان من المناضلين الداعين لضرورة مشاركة المرأة وتعزيز دورها في بناء المجتمع، وبالنظر إلى أنه من المؤمين بحرية النقد وأحقية العقل في تقييم الأدب، تفرد نقده المؤثر على الفنون الجميلة، كما كان من الداعين للوعي وزيادة الفكر القومي، ومناضلًا في المجالات الأدبية رافضًا لقيودها، مُركزًا على الشعر ليختلف مع بعض الشعراء، مثل: شوقي، والرافعي، فاشتهر بمنطقه الصارم، وطريقته الصلبة الخشنة في كتابته وحياته، ولكن في الوقت نفسه كان أدبه عاطفيًا وعقلانيًا يرمز باستمرار للحنان والعطف تجاه الضعف البشري الفطري، فكان معلقًا سياسيًا صريحًا، مما تسبب في سجنه لاحقًا بسبب نقده المضاد للحكومة، فلا يُنسى دوره كمُفكر وفيلسوف وسياسي داعٍ لتحقيق أقصى درجات الحرية الإنسانيّة، وعلى الرغم من دراسته للعقائد الفلسفية إلا أنه لم يتحيز ويتبع مذهبًا معينًا، بل سار وراء فلسفته الخاصة التي تعتمد العقل، والحواس، والوعي الروحي تحت مفهوم أسماه الوعي العام، وأثرى المكتبة العربية بما يعادل 102 كتاب مُختلف في مجالات الفلسفة، والتاريخ، والشعر، والأدب، والسير الذاتية، والسياسة، وغيرها من الكتب المترجمة من اللغة الإنجليزية.[١][٢]


النهج الصحافي والأدبي لعباس العقاد

اختلف النهج الأدبي وأسلوب عباس الإنشائي بحسب نوع المؤلفات التي يكتبها، ومن أبرز مناهجه ما يأتي:


أسلوب العقاد الخاص في الكتابة

يبدأ عباس كتابة المقال بعد أن يجمع في ذهنه جميع أصوله ونقاطه ويُرتبها تبعًا للتسلسل المنطقي لها، مع إمكانية إضافة جمل، وعناصر فكاهية، وعبارات لتبسيطه، كما كان يفضل الكتابة بهدوء بعيدًا عن الضوضاء، ووحيدًا حتى يتمكن من الاستعانة بالمنبهات؛ كالقهوة وغيرها، ومن جهة أخرى كان عباس يُراجع ما كتبته ليتسنى له تصحيحه، والزيادة، أو التعديل عليه قبل تسليمه بصورته الأخيرة، وكان يعتمد في مناقشته للقارئ أسلوب الحجج والبراهين القطعية ثم يتبعها بحجج أضعف منها.[٤]


منهج العقاد في كتابة المقالات

كان عباس يميل لكتابة المقالات الصحفية بالمجالات الأدبية التي يقترح محرر المجلة موضوعاتها فضلًا عن اختيار العناوين بنفسه، وكانت المقالات الصحفية في الصحف اليومية التي تتطلب المبادرة بالتعقيب على الحوادث الشبه يومية أصعب بالنسبة له، أما عن ترجمة الكتب فالقاعدة السامية لديه أن الغاية من الكتابة تكون لإبراز حقيقة مجهولة أو حق ضائع، خاصةً عند كتابته لسيرة ذاتية لشخصية عظيمة أو غيرها، تمامًا كما فعل عندما ألف كتابه عن ابن الرومي، والذي كان يراه مجهولًا رغم قدره وعظمته، ومظلومًا من قبل النقاد الجهلاء، مما دفعه لإنصافه والتعريف عنه كما يجب.[٥]


أسلوب العقاد في الكتابة عن نفسه

امتاز عباس في كتابته عن نفسه بامتلاك طابع جديد ومميز في كتابة التراجم، فلم تكن كتابته شخصية بحتة، أو سردًا للأحداث التي عاشها تمثلت ومر بها أو لأدوارها، وإنما تمثلت بكتابة عالم بليغ وباحث وفنان عريق اشتملت نظرة لمسائل العلم وقضايا الفكر والفن، إضافةً لعلم النفس، والفلسفة، والتربية، والأدب، فذكر فيها تجارب الحياة بحلوها ومرها، واقتبس فيها خلاصة ما خرج به من خبرة المفكر وحكمة الفيلسوف، كما مزج فيها من أبهى ألوان المعرفة، وعالج مختلف أنواع التفكير والحوادث المرتبطة بالتعقيب العلمي، أو التعليل لنفسي، أو التأمل الفلسفي، وتجلت كتابته في كتابه (أنا) الذي لخص فيه سيرته الذاتية.[٦]


أشهر أستاذة عباس العقاد

تتلمذ عباس العقاد على يد نخبة من المعلمين اختار بنفسه بعضهم، وأبرزهم:[٧]

  • مدرس اللغة العربية والتاريخ الشيخ فخر الدين محمد الدشناوي.
  • الشيخ أحمد الجداوي وكان يُقدم الدروس الأدبية والدينية والشعر.
  • الشيخ محمد عبده.
  • المعلم سعد زغلول.


أبرز مؤلفات عباس العقاد

من أشهر مؤلفات عباس العقاد ما يأتي:

  • كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية: يُبرهن العقاد في كتابه على أن أثر أوروبا الحديثة في النهضة العربية ليس إلا سدادًا للدين الذي قدمته الحضارة العربية للعالم وأفادته وأنارته بعد أن سادته الظلمات، ويشرح الكتاب تأثير الحضارة العربية ومساهماتها في تقدم الحضارة الأوروبية.[٨]
  • كتاب إبليس: يطرح عباس في كتابه فكرة الشر الذي يُمثله الشيطان، ويبين أن ظهور إبليس على وجه الأرض ساعد على التمييز بين الخير والشر فأفاد الناس؛ إذ لم يُميزوا بين الخير والشر إلا بعد معرفة أفعال الشيطان وصفاته ووساوسه، وإجابات كثيرة على أسئلة تخصه.[٩]
  • الديوان في الأدب والنقد: ينقد عباس العقاد في كتابه هذا شِعرَ شوقي، ويتحدث عن تفرَّغ المازني لأَدبِ المنفلوطي، مسببًا بذلك جدلًا كبيرًا وثورة على الفكر القديم، ويؤسس فيه مدرسة أدبية جديدة أسماها مدرسة الديوان نسبةً لاسم الكتاب الذي بدوره يُمثل معركة أدبية بين عمالقة المفكرين والأدباء، وهو بمثابة مرحلة أَدبِية هامة في تاريخ الأَدَب والشِّعر العربِي.[١٠]


كتاب الثقافة العربية

يوضح هذا الكتاب إسهامات العرب الكبيرة والعظيمة في الثقافة الإنسانية، والتي لم تترك مجالًا ثقافيًّا إلا وكان لها فيه دور بارز، بدءًا من الفنون والشعر وانتهاءً بالحكمة والفلسفة، إذ أنتجت الأمة العربية ثقافة تاريخية عريقة، لها أبجديتها الخاصة بالكتابة التي نقلت العديد من الأمم كلماتها، وشعرها المستقل بقواعده وبحوره المعروفة مقارنةً بفنون وشعر الأمم الأخرى المتمثل بنصوص لا وزن لها ولا قافية، ومرتبطة فقط بالغناء.[١١]


أشهر أقوال عباس العقاد

من أشهر أقوال عباس العقاد ما يأتي:[١٢]

  • العقل ليس وعاء يجب ملؤه، ولكنه نار يجب إشعالها.
  • أنا أقضم عبثا على أملٍ لا يريد البقاء معي.
  • أنا لا أقرأ لأنني تخليت عن الحياة، أنا أقرأ لأن حياة واحدة لا تكفيني.[١٣]


وفاة عباس العقاد

تُوفّي عباس محمود العقاد بتاريخ 12-3-1964 ميلاديًّا في مدينة القاهرة عن عمر يُناهز 75 عامًا، تاركًا وراءه مِيراثًا ضخما من الكتب العريقة، وبصمة لا تمحى في تاريخ الأدب والفكر العربي.[٢][٣]

المراجع

  1. ^ أ ب "عباس محمود العقاد"، الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، 20-7-2009، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "Abbās Maḥmūd al-ʿAqqād"، britannica، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. Edited.
  3. ^ أ ب "عباس محمود العقاد"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2021. بتصرّف.
  4. عباس العقاد، أنا، صفحة 66-67. بتصرّف.
  5. عباس العقاد، أنا، صفحة 63-65. بتصرّف.
  6. إميان حممد عبد الفتاح الشمــــــــــاع، السرية الذاتية يف األدب املصري املعاصر، صفحة 19. بتصرّف.
  7. عباس العقاد، أنا، صفحة 37-43. بتصرّف.
  8. عباس العقاد، "كتاب أثر العرب في الحضارة الأوروبية"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2021. بتصرّف.
  9. عباس العقاد، "ابليس"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
  10. عباس العقاد، "الديوان في الأدب والنقد"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 27-4-2021. بتصرّف.
  11. عباس العقاد، "الثقافة العربية"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2021. بتصرّف.
  12. "Abbas Mahmud Al Aqqad", goodreads, Retrieved 27-4-2021. Edited.
  13. "Abbas Al Akkad", goodreads, Retrieved 27-4-2021. Edited.