من هو عبد الله بن مسعود؟
هو فقيه، ومقرئ، ومحدث، وراوٍ للحديث الشريف، وأحد صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وهو الإمام الحبر، فقيه الأمة عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شَمخ بن فأر بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذيل بن مُدركة بن إلياس بن مضر بن نزار، الهذلي المكي المهاجري البدري، وقد كناه الرسول عليه الصلاة والسلام بأبي عبد الرحمن، وقد كان عبد الله بن مسعود من الأوائل الذين دخلوا إلى الإسلام، ومن كبار الصحابة وسادتهم، وأكثرهم ملازمةً للرسول عليه الصلاة والسلام، وخدمةً له، وقد هاجر الهجرتين إلى الحبشة، وإلى المدينة المنورة، وحضر مع الرسول الكريم جميع الغزوات كغزوتي بدر، وأحد، كما شهد له النبي عليه الصلاة والسلام بالجنة، وعلو المنزلة، بالإضافة إلى ذلك كله، فقد كان إبن مسعود ذا مكانة مرموقة، ومنزلة علمية عالية، فكان من كبار المقرئين، والفقهاء، ومن أبرز المفسرين، ومن أكثر الصحابة روايةً للحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.[١][٢]
مولد عبد الله بن مسعود ونشأته
وُلد عبد الله بن مسعود قبل الهجرة النبوية بإحدى وثلاثين سنة، وفي رواياتٍ أخرى بسبعٍ وثلاثين سنة، وترجح معظم الروايات أنه وُلد في مضارب قبيلة بني زهرة، والذين كانوا حلفاء لوالده في الجاهلية، والده هو مسعود بن غافل، وقد توفي في الجاهلية، فلم يدرك الإسلام، وبعد وفاته قرر عبد الله بن مسعود مغادرة مضارب هذيل والرحيل إلى مكة لطلب العيش فيها، فاشتغل في رعي الغنم عند عقبة بن أبي معيط، أما والدته فهي أم عبد بنت عبد ودّ بن سواء بن هذيل، وقد كانت من أوائل النساء اللواتي دخلن الإسلام، ومن صحابيات النبي عليه الصلاة والسلام اللواتي لازموه، وقاموا برواية الحديث عنه، وقد كان عبد الله بن مسعود في معظم الأحيان يُنسب إلى أمه، حيث يقال له ابن أم عبد؛ وذلك لمكانتها العالية بين المسلمين.[٣][٤][٥]
إسلام عبد الله بن مسعود
كان عبد الله بن مسعود من أوائل الذين دخلوا إلى الإسلام، فقد آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل اتخاذه دار الأرقم مكانًا لتجمّع المسلمين فيه، وكان سادس من أسلم من الصحابة، أما عن قصة إسلامه، ولقائه بالرسول عليه الصلاة والسلام، فيرويها عبد الله بن مسعود بنفسه، إذ قال "كنت غلامًا يافعًا، أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط، فجاء النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر، فقالا: يا غلام، هل عندك من لبنٍ تسقينا؟ فقلت: إني مؤتمن ولستُ ساقيكما، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: هل عندك من شاة حائلٍ، لم ينُزُ عليها الفحل؟ قلت: نعم، فأتيتهما بها، فاعتقلها النبي ومسح الضرع، ودعا ربه فحفل الضرع، ثم أتاه أبو بكر بصخرة متقعرة، فاحتلب فيها، فشرب أبو بكر، ثم شربت، ثم قال للضرع: اقلص، فقلص، فأتيت النبي بعد ذلك، فقلت: علمني من هذا القول، فقال: إنك غلامٌ مُعلّم"، وقد أسلم ابن مسعود بعد هذه الحادثة، ولازم النبي عليه الصلاة والسلام، فكان يجالسه أكثر من غيره من الصحابة، وكان النبي يثق به، ويحبه حبًا شديدًا، وقد بلغ عبد الله بن مسعود درجةً عالية من التكريم والتشريف بخدمته للنبي عليه الصلاة والسلام، فكان يحمل له سواكه، وطهوره، ونعليه، كما كان النبي يأتمنه على سره، ونجواه، ويسمح له بالدخول عليه دون استئذان، حتى ظنّ بعض الناس أنه من أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام.[٦]
جهر عبد الله بن مسعود بالقرآن
كان عبد الله بن مسعود أول من جهر بقراءة القرآن الكريم في مكة المكرمة أمام المشركين، بعد الرسول الكريم، وذلك على الرغم من عدم وجود عشيرة تدافع عنه، لذا فقد حاول أصحابه نهيه عن القيام بهذا الأمر، إلا أنه أصر على ذلك، فخرج إلى قريش، وبدأ بقراءة بعض الآيات من سورة الرحمن، فكان فعله هذا سببًا في تعرضه للضرب المبرح من قِبل المشركين، وهذا التصرف الذي قام به ابن مسعود إن دلّ على شيء فإنما يدل على شجاعته، وقوة إيمانه.[٧]
مكانة عبد الله بن مسعود العلمية
برع عبد الله بن مسعود وبرز في العديد من مجالات العلوم الدينية ومنها ما يلي:[٨][٩][١٠]
القرآن الكريم
حرص ابن مسعود على تلقي القرآن الكريم من فم الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد ساعده على ذلك ملازمته له، وقربه منه، فدأب على حفظه، والتعرف على معانيه، كما برع في تفسيره، ومعرفة أسباب نزوله، والناسخ، والمنسوخ، وقد كان النبي يحب الاستماع لابن مسعود وهو يتلو القرآن الكريم، ومما يدل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام "استقرؤا القرآن من أربعة: ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل"، ومن قول النبي أيضًا "من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد"، ولقد اشتهر ابن مسعود بعلمه وفضله في هذا المجال، حتى أسس لنفسه مدرسة خاصة في العراق، كان يرتادها المئات من التلاميذ لتلاوة القرآن الكريم، وتعلمه منه.
التفسير
إلى جانب حفظ ابن مسعود للقرآن الكريم، وإتقانه لقراءته، فقد كان من أعلم الصحابة بعلم التفسير والذي يشتمل على معاني الآيات، وأسباب النزول، والمكي، والمدني، وعلم القراءات، وقد بلغ علمه في هذا المجال درجاتٍ عالية، أهلته بأن يختاره عمر بن الخطاب لإرساله إلى الكوفة لتعليم أهلها القرآن وتفسيره، فتخرج على يديه الكثير من العلماء، والقراء المشهورين.
الحديث
كان عبد الله من الصحابة المكثرين لرواية الحديث الشريف، إذ يبلغ الدرجة الثامنة في ذلك، وقد روى عن الرسول عليه الصلاة والسلام ما يقارب 848 حديثًا، كما كان من أشد الصحابة التزامًا بالسنة النبوية، واقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن جانبٍ آخر، فقد كان ابن مسعود شديد الورع والخشية في التحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام، خشيةً منه من الوقوع في الخطأ عند النقل، فكان يتحرى الأداء، ويشدد في الرواية، وينهى تلاميذه عن التهاون في ضبط الألفاظ، وممن حدّث عنه من الصحابة: أبو هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وغيرهم الكثير.
وفاة عبد الله بن مسعود
توفي عبد الله بن مسعود في عام 32 هجري، في المدينة المنورة، وقد دفن في البقيع، وكان عمره يقارب بضعًا وستين سنة.[١١]
المراجع
- ↑ سناء عبد الرحيم عبدالله حلواني، عالم القرآن عبدالله بن مسعود، صفحة 2363. بتصرّف.
- ↑ حسن سالم هبشان، مقومات مدرستي القرآن والتفسير عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، صفحة 308. بتصرّف.
- ↑ بدر محمد الدريس، عوامل تكوين شخصية عبدالله بن مسعود الدعوية، صفحة 428. بتصرّف.
- ↑ عبد الستار الشيخ، عبد الله بن مسعود عميد حملة القرآن وكبير فقهاء الإسلام، صفحة 21-23. بتصرّف.
- ↑ مناع القطان، تاريخ التشريع الإسلامي، صفحة 248. بتصرّف.
- ↑ خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 132 135. بتصرّف.
- ↑ النويري، نهاية الأرب في فنون الأدب، صفحة 228. بتصرّف.
- ↑ عبدالله حلفان عبدالله آل عايش، دراسة في الفكر التربوي عند الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود، صفحة 10-11 15. بتصرّف.
- ↑
- ↑
- ↑