من هو إدوارد سعيد؟

هو مفكر، وكاتب، وناقد أدبي، وأكاديمي، وناشط سياسي فلسطيني-أمريكي، وأحد رواد القرن العشرين.


وهو إدوارد وديع سعيد، مفكر وكاتب فلسطيني الأصل، وحامل للجنسية الأمريكية، ويُعد رمزًا ثقافيًا عالميًا، ومن أكثر الشخصيات المؤثرة في القرن العشرين في مجالي الأدب والنقد، فقد ذاع صيته، واكتسب شهرة واسعة على نطاق العالم، وذلك بسبب أفكاره، وقيمه الإنسانية النبيلة، والتي سعى جاهدًا لتطبيقها على أرض الواقع، وحضوره الإعلامي المكثف والفعّال في أكبر وسائل الإعلام العربية والعالمية، كما أن كتبه ومؤلفاته الأدبية والتي ترجمت إلى العديد من اللغات المختلفة، قد شكلت مصدر إلهام للأدباء والمثقفين من بعده، ومن جانبٍ آخر، فإن سعيد يُعد من أبرز الناشطين السياسيين والمدافعين الحقوقيين عن العدالة الاجتماعية، ويظهر ذلك جليًا في تبنيه ونصرته للقضية الفلسطينية، ودفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني، وشرعية الثقافة والهوية الفلسطينية.[١]


مولد إدوارد سعيد ونشأته

ولد إدوارد سعيد في تاريخ 1 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، في عام 1935م، في العاصمة الفلسطينية القدس، وهو ينتمي إلى عائلة مسيحية غنية، فوالده وديع إبراهيم كان من رجال الأعمال الذين عاشوا فترة من الزمن في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد خدم في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه فلسطين، مما منحه الجنسية الأمريكية.


قد عاش إدوارد سعيد في بيئة منعزلة عن الناس؛ إذ لم يكن لعائلته الكثير من الصلات والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين، فنشأ إدوارد وحيدًا دون أصدقاء، وقد دفعه ذلك للبحث عن نوعٍ آخر من الصداقة، ألا وهو الكتاب، فانكب إدوارد على قراءة الكتب بمختلف مواضيعها، وخاصة الروايات الكلاسيكية مثل ديكنز، وروايات شكسبير، وكتب الفلسفة، وقد ساعده على ذلك امتلاك عائلته مكتبة كبيرة تحتوي على الكثير من الكتب القيمة، بالإضافة إلى تشجيع والدته وتحفيزها المستمر له، مما كان له الأثر الكبير في تشكيل مساره الفكري، ومن جانبٍ آخر، فقد نشأ إدوارد سعيد على حب الموسيقى، والاستماع لها، وامتلك ذاكرة موسيقية قوية، مما جعله يقبل على تعلم العزف على البيانو، وإتقانه وهو لا يزال في الثالثة عشر من عمره.[٢][٣]


مسيرة إدوارد سعيد الأكاديمية والعملية

في عام 1947م اضطرت عائلة إدوارد سعيد لمغادرة القدس، والانتقال إلى القاهرة؛ هربًا من الصراع القائم بين اليهود والعرب حول تقسيم فلسطين، وفي القاهرة التحق إدوارد بالمدارس الإنجليزية لتلقي تعليمه فيها، وفي عام 1951م انتقل إلى مدرسة "نورثفيلد ماونت هيرمون" في ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم تابع دراسته الجامعية في جامعة "برينستون"، حيث تخرج منها في عام 1957م، ومن ثم ارتاد جامعة هارفارد لإكمال دراساته العليا، فحصل على شهادة الماجستير في عام 1960م، والدكتوراه في الأدب الإنجليزي في عام 1964م.


في عام 1963م، تسلم إدوارد منصب محاضر في اللغة الإنجليزية في جامعة كولومبيا، وقد تمت ترقيته إلى رتبة أستاذ مساعد في اللغة الإنجليزية والأدب المقارن، وذلك في عام 1967م، ومن ثم إلى رتبة أستاذ في عام 1969م، وخلال هذه الفترة قام إدوارد بتأليف كتابه الأول "جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية"، والذي يُعد امتدادًا لأطروحة الدكتوراه الخاصة به، وقد تم نشره في عام 1966م.


إلى جانب عمل إدوارد الأكاديمي، فقد كان من النشطاء السياسيين البارزين، وخاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ كتب العديد من الكتب والمقالات الداعمة للقضايا العربية، وحقوق الفلسطينيين، كما كان من أشد المنتقدين للسياسة الأمريكية والإسرائيلية المتبعة في الشرق الأوسط مما جعله عرضة للمهاجمة، وفي عام 1977م تم تعيينه كعضو في المجلس الوطني الفلسطيني (المجلس التشريعي الفلسطيني في المنفى)، كما تبنى إدوارد موقفًا معارضًا لاتفاقية أوسلو للسلام، والتي تم توقيعها بين منظمة التحرير الفلسطينية، وإسرائيل في أوائل التسعينات.[٢]


مؤلفات إدوارد سعيد

ألّف إدوارد سعيد الكثير من الكتب والدراسات، والتي غطت العديد من المجالات الأدبية والاجتماعية والسياسية المختلفة، وكانت في الغالب تتمحور بشكل مباشر أو غير مباشر حول مشاكل الشرق الأوسط، وبالأخص فلسطين، وأبرز هذه الكتب هي: دراسات "القضية الفلسطينية"، و"تغطية الإسلام"، ومقالات "سياسة نزع الملكية"، ومقالات "السلام والمآخذ عليه" عن فلسطين في عملية السلام الشرق الأوسطية، بالإضافة إلى العديد من المؤلفات الفكرية مثل: "العالم والنص والناقد"، و"التوضيحات الموسيقية"، و"الثقافة والإمبريالية"، وغيرها الكثير.[٢]


كما وأصدر إدوارد كتابه بعنوان "خارج المكان"، والذي يتناول فيه مذكراته الشخصية، ومراحل حياته المختلفة، حيث تحدث أولًا عن ذكرياته في مرحلة الطفولة، والتي قضاها ما بين مصر وفلسطين، ثم ينتقل ليسرد لنا تجاربه الحياتية في بلاد الغربة، ويصف المشاعر التي كانت تنتابه خلال هذه الفترة التي قضاها وحيدًا بعيدًا عن عائلته، كالإحساس بالوحشة، والوحدة، والحنين إلى البيت والأسرة.

وقد سعى إدوارد إلى جعل هذا الكتاب عبارة عن سجل شخصي غير رسمي، ليقوم بتدوين الأحداث التي عاشتها المنطقة العربية فيه، مثل ضياع فلسطين، وسقوط الملكية في مصر، وحرب عام 1967م، والحرب الأهلية اللبنانية، واتفاقية أوسلو، كما أراد التأكيد من خلاله على اعتزازه بأصوله العربية، ودفاعه عن الحقوق الفلسطينية، وخاصةً حق العودة.


والجدير بالذكر أن إدوارد قام بتأليف هذا الكتاب أثناء فترة مرضه وعلاجه، حيث استغرق تأليفه مدة خمس سنوات، وذلك في الفترة الواقعة ما بين عامي 1994-1999م، وقد صدر أولًا باللغة الإنجليزية، ومن ثم تمت ترجمته إلى اللغة العربية وذلك في عام 2000م.[٤]


الاستشراق (المفاهيم الغربية للشرق)

يُعد كتاب "الاستشراق" أو "Orientalism" الكتاب الأول في سلسلة تتضمن ثلاثة كتب، إلى جانب "القضية الفلسطينية" و"تغطية الإسلام"، وتتناول هذه السلسلة العلاقة بين العالمين العربي والغربي، وقد ألّف إدوارد "الاستشراق" باللغة الإنجليزية في عام 1978م، والذي حظي بالكثير من الاهتمام العالمي، إذ تناوله الكثير من المستشرقين، والمؤسسات الأكاديمية العالمية المعنية بالنقاش والتحليل.


وقد تناول إدوارد في كتابه هذا مجموعة من المؤلفات والدراسات الغربية التي تتحدث عن الشرق الأوسط، والتي حمّلها المسؤولية عن الشرخ الحاصل بين الحضارة الغربية والثقافة الشرقية عمومًا، والشرق أوسطية خاصةً، كما وجّه إليها تهمة تشكيل الرؤية المغلوطة والنمطية لدى المجتمع الغربي عن العالم العربي والإسلامي، وقد تمت ترجمة كتاب "الاستشراق" إلى أكثر من عشرين لغة، ومن بينها اللغة العربية.[٥]


وفاة إدوارد سعيد

توفي إدوارد سعيد في تاريخ 25 من شهر أيلول/ سبتمبر، في عام 2003م، في ولاية نيويورك، في الولايات المتحدة الأمريكية.[٢]

المراجع

  1. عبد السلام أحمد عابد، s3ed.pdf إدوارد سعيد حياته وسيرته وآثاره وإنتاجه، صفحة 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "Edward Said", britannica, Retrieved 27/7/2021. Edited.
  3. عبد السلام أحمد عابد، s3ed.pdf إدوارد سعيد حياته وسيرته وآثاره وإنتاجه، صفحة 3. بتصرّف.
  4. "الاستشراق"، كتب، اطّلع عليه بتاريخ 27/7/2021. بتصرّف.