من هو الليث بن سعد؟
هو فقيه، ومحدّث، وإمام، وأحد أعلام القرن الثاني الهجري.
وهو الإمام الفقيه الحافظ الحجة شيخ الإسلام الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، ويُكنى بأبي الحارث، عالم الديار المصرية، ومن أبرز الفقهاء والمحدثين في عصره، برع ونبغ في علوم الحديث رواية ودراية، والقرآن، والفقه، والشعر، وقد عُرف بمذهبه الفقهي الخاص به، إلا أنّ هذا المذهب اندثر بوفاته، ولم يشتهر كغيره من المذاهب الأربعة؛ ويعود السبب في ذلك إلى تقصير تلاميذه في جمعه ونشره، وكان ذو مكانة علمية رفيعة حتى أنّ قاضي مصر آنذاك كان يرجع له دائمًا طلبًا للنصيحة والمشورة، وكان يأتمر بأوامره، ومن ثناء العلماء عليه قول ابن وهب "لولا مالك والليث لضل الناس".[١][٢]
مولد الليث بن سعد ونشأته
ولد الليث بن سعد عام 94 هجري، في قرية قلقشندة في مصر، ولا تتوفر في كتب التراجم معلومات كافية عن والديه، ومرحلة طفولته، سوى أنه كان مولىً لبني فهم، كما تعود أصوله إلى أصبهان، حيث استقر أجداده في مصر بعد مشاركتهم في فتحها تحت قيادة "عمرو بن العاص".[٣]
مسيرة الليث بن سعد العلمية والعملية
بدأ الليث بن سعد بتلقي العلم منذ صغره، إذ كان يحرص على حضور حلقات العلم التي كانت تُعقد في جوامع مصر، ليدرس فيها علوم الحديث، والفقه، واللغة العربية، والتفسير، فدرس على يد كبار شيوخ مصر آنذاك، ومنهم "بكير بن عبد الله بن الأشج المدني، وبكير بن سواده الجذامى بن ثمامة مفتي مصر، ويزيد بن أبي حبيب، وعبد الله بن جعفر المصري".
لم يقتصر الليث على ذلك، بل خرج في العديد من الرحلات طلبًا للمزيد من العلم، فانتقل إلى الحجاز عام 113 هجري، وهناك التقى ببعض من أبرز علمائها منهم "عطاء بن أبي رباح، ونافع، وابن مليكة، وابن شهاب الزهري" وغيرهم الكثير، ثم رحل إلى العراق عام 171 هجري وأخذ من العديد من علمائها أيضًا، وقد ساعدته هذه الرحلات على توسيع مداركه، واكتساب الكثير من العلم والمعرفة في مختلف مجالات العلوم الإسلامية والدينية، الأمر الذي جعله جديرًا بحجز مكان بين مصاف كبار فقهاء وعلماء ذلك العصر، فكان أهلًا لمناظرتهم ومساجلتهم، ولعل أكبر دليل على ذلك الرسائل التي كان يتبادلها مع الإمام مالك، والتي يظهر فيها مخالفته له في بعض مسائل الإفتاء، وقد كان الإمام الليث بن سعد يفتي الناس في العديد من أمور دينهم، كما كان له العديد من المجالس لرواية الأحاديث الشريفة، إلى جانب ذلك كله فقد أولى الليث بن سعد اهتمامًا كبيرًا في دراسة العلوم الأخرى من حساب، وشعر، وتاريخ، ونحو، وغيرها من العلوم التي كانت معروفة في ذلك الوقت.
ونظرًا لمكانة الليث بن سعد العلمية المرموقة، وسمعته البارزة فقد عرض عليه الخليفة العباسي "أبو جعفر المنصور" تولي إمارة مصر، إلا أنّ الليث قد رفض هذا المنصب، وأبى استلامه، ومن جهةٍ أخرى عرف عنه شدة كرمه وجوده، فقد كان يتصدق بشكلٍ يومي على ثلاثمئة مسكين، كما قال عنه ابن ابي مريم "ما رأيت أحدًا من خلق الله أفضل من الليث، وما كانت خصلة يُتقرب بها إلى الله إلا كانت تلك الخصلة فيه"، ومما يجدر ذكره أنّه قد تمت ترجمة سيرته في كتابين هما "الرحمة الغيثية في الترجمة الليثية" للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكتاب "عوالي الليث بن سعد" لأبي العدل قاسم بن قطلوبغا الحنفي.[٤][١]
مؤلفات الليث بن سعد
ذكرت بعض كتب التاريخ والسير وجود مؤلفات ومصنفات للإمام الليث بن سعد، إلا أنّه لم يصل إلينا سوى بعض الرسائل التي كان يتبادلها مع الإمام مالك، وكتابين فقط هما "كتاب التاريخ، وكتاب المسائل في الفقه"، وربما يعود السبب في ضياع مؤلفاته وإندثارها كما حدث مع مذهبه إلى عدم اهتمام تلاميذه في تدوين علمه ونشره.[٥]
ثناء العلماء على الليث بن سعد
نظرًا لمكانة الإمام الليث بن سعد العلمية الرفيعة فقد أثنى عليه العديد من كبار العلماء، نذكر منهم:[٦]
- قال الشافعي: الليث أتبع من مالك.
- قال الفضل بن زياد: قال أحمد: ليث كثير العلم صحيح الحديث.
- قال أبو يعلى الخليلي: كان إمام وقته بلا مدافعة.
- قال ابن حبان: كان من سادات أهل زمانه فقهًا، وعلمًا، وحفظًا، وكرمًا.
وفاة الليث بن سعد
توفي الإمام الليث بن سعد في يوم الجمعة من نصف شهر شعبان عام 175 هجري، عن عمرٍ يناهز 81 عامًا.[٧]
المراجع
- ^ أ ب بديع السيد اللحام، سعد "اللَّيث بن سعد الفهمي"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 14/12/2021. بتصرّف.
- ↑ جميل إبراهيم حبيب، خالد عبد الكريم، المرحلة الغيثية بالترجمة الليثية، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ سعود بن فرحان محمد الــــحــــبـلاني ، الإمام الليث بن سعد ومنهجه الفقهي، صفحة 6-7. بتصرّف.
- ↑ هلال أحمد عاشور، الليث بن سعد وفقهه في العبادات، صفحة 39-40-41-60. بتصرّف.
- ↑ هلال أحمد عاشور، الليث بن سعد وفقهه في العبادات، صفحة 100. بتصرّف.
- ↑ سعود بن فرحان محمد الــــحــــبـلاني ، الإمام الليث بن سعد ومنهجه الفقهي، صفحة 29-30. بتصرّف.
- ↑ جميل إبراهيم حبيب، خالد عبد الكريم، المرحلة الغيثية بالترجمة الليثية، صفحة 12. بتصرّف.