من هو قاسم أمين؟

هو كاتب، ومصلح اجتماعي مصري، وأحد مؤسسي الحركة القومية في مصر، ومن أعلام القرن التاسع عشر الميلادي.


وهو قاسم محمد أمين، كاتب وباحث مصري، وهو أحد أبرز رواد حركة تحرير المرأة في العصر الحديث، وهو يُعد من أشهر المناصرين للمرأة، والمدافعين عن حقوقها، فقد وهب نفسه، وحياته، وكامل مجهوده الفكري في سبيل هذه القضية، والمتمثلة في تحرير المرأة نفسيًا، واجتماعيًا، وعقليًا، وتخليصها من قيود الجهل، والعادات المتوارثة والتي لا تمت للدين الإسلامي وشرائعه بصلة، وذلك إنطلاقًا من كون المرأة جزءٌ لا يتجزأ من المجتمع، وأنّ الأمة لن تتمكن من النهوض، والسير في طريق التحضر إلا بتكاتف جميع عناصر المجتمع، بما فيهم المرأة.[١]


مولد قاسم أمين ونشأته

ولد قاسم أمين في تاريخ 1-12-1863م في قرية طرة في مصر، والده هو محمد بك أمين، والذي كان واليًا على إقليم كردستان، إلا أنه وبعد اندلاع ثورة ضد الدولة العثمانية، اضطر والده إلى الانتقال للعيش في مصر والاستقرار فيها، وقد تزوج من سيدة مصرية من صعيد مصر، والتي أنجبت له عدة أبناء كان قاسم أكبرهم.[٢]


مسيرة قاسم أمين العلمية والعملية

انتقل قاسم أمين مع عائلته إلى مدينة الإسكندرية، حيث نشأ فيها، وقضى فترة طفولته، وقد تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة رأس التين، وهي من المدارس الراقية التي يرتادها أبناء الطبقة الأرستقراطية، بعد ذلك انتقلت أسرة قاسم إلى القاهرة، واستقروا في حي الحلمية، وفي القاهرة أكمل قاسم تعليمه الثانوي، ثم التحق بمدرسة الحقوق والإدارة، والتي تخرج منها بدرجة الليسانس وذلك في عام 1881م، علمًا أن قاسم كان أول خريج منها، وقد عمل قاسم بعد تخرجه مباشرة في المحاماة لفترة من الزمن، إلا أنه ما لبث أن ترك العمل ليسافر في بعثة دراسية إلى فرنسا، والتحق بجامعة مونبيليه بهدف إكمال دراسة الحقوق، وفي عام 1885م أنهى قاسم دراسته القانونية بتفوق، فعاد إلى بلده مصر، حيث التحق بالعمل في القضاء، وقد تدرج في عدة مناصب مختلفة، إلى أن أصبح مستشارًا للاستئناف في مصر، وقد استمر في منصبه هذا حتى وفاته.


ومن الجدير بالذكر أنه أثناء إقامة قاسم في فرنسا التقى بالعديد من المفكرين المصريين، من أمثال جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده الذي عمل قاسم كمترجم خاص له، وسعد زغلول، وعبدالله النديم، وأديب إسحاق، حيث أصبح مقربًا منهم، وتأثر بأفكارهم الإصلاحية، فكان من أشد المدافعين عن الحرية الاجتماعية، والمطالبين بتحقيق العدالة، بالإضافة إلى ذلك، فقد انضم إلى مدرسة الإمام محمد عبده والتي كانت من أهم مبادئها الدعوة إلى الإصلاح التربوي التدريجي، وذلك بهدف إنشاء جيل مثقف ومستنير، ويمتلك القدرة على تحمل مسؤولية تغيير المجتمع وتنميته.[٣][٤]


نشاط قاسم أمين الثقافي والفكري

كان لإقامة قاسم في فرنسا لمدة أربع سنوات، وإطلاعه على الأدب الفرنسي التأثير الكبير على تكوين شخصيته الفكرية والأدبية، فبمجرد عودته إلى مصر، بدأ دعوته إلى تطبيق مبدأ الحرية، وطالب بالتقدم الثقافي والحضاري المبني على أسس الثقافة الإسلامية، كما كان قاسم أمين من أشد المناصرين للمرأة، والمدافعين عن حريتها، فدعا إلى تحرير المرأة من قيود المجتمع، وطالب بمنحها حقها في التعليم، والسماح لها بالمشاركة في الحياة العامة جنبًا إلى جنب مع الرجل، فقد كان يرى بأن المرأة هي الأساس الذي يبنى عليه المجتمع، والتي يقع على عاتقها مهمة تربية الأبناء، وإخراج جيل صالح ومنتج، إلا أنّ هذه الآراء والأفكار الإصلاحية قد لاقت الكثير من النقد والاستهجان من قِبل البعض من المفكرين، والسياسيين، ورجال الدين في ذلك الوقت، وعلى الرغم من ذلك فإنّ هذا الهجوم لم يثني عزيمة قاسم أمين، بل زاده قوة وثباتًا على مواقفه الإصلاحية.[٣][٥]


مؤلفات قاسم أمين

تميز الأسلوب الأدبي لقاسم أمين بالجزالة والسهولة، والبعد عن الخطابة والتصنع، فجاءت كتاباته سهلة وبسيطة، وقابلة للفهم من قِبل جميع طبقات المجتمع، كما اعتمد على الحجة والإقناع في تقديم أفكاره، وذلك عن طريق دعمها بالبراهين التي تثبت صحتها من الدين، والعقل، وواقع الحياة الاجتماعية، وقد بدأ قاسم مسيرته الأدبية بتأليفه كتاب "المصريون"، والذي كتبه باللغة الفرنسية كرد على "الدوق داركور" الذي انتقد العائلات المصرية، وادعى سوء حال النساء المصريات في ذلك الوقت، فجاء رد قاسم عليه بتبيان فوائد الحجاب، وانتقاد الابتذال الذي كان منتشرًا في الغرب آنذاك، وفي عام 1899م نشر قاسم كتابه الأول باللغة العربية تحت عنوان "تحرير المرأة"، والذي انتقد فيه الغلو الحاصل في حجاب المرأة في المجتمع المصري، وطالب بتحريرها، والسماح بتعليمها، وقد تسبب هذا الكتاب بضجة كبيرة، وأثار جدلًا واسعًا بين مؤيد لأفكاره ومنتقدٍ لها.


من جهةٍ أخرى، بدأ قاسم أمين بكتابة سلسلة من المقالات، والتي حاول فيها التركيز على عيوب المجتمع ومشكلاته، والبحث فيها ودراستها، وقد جمع هذه المقالات في كتاب واحد أطلق عليه اسم "أسباب ونتائج وأخلاق ومواعظ"، ويتكون هذا الكتاب من 19 مقالًا تناول فيها قاسم جميع النواحي الاقتصادية، وأسس التربية السليمة، والعلاقات الأسرية، والمرأة، ومستوى موظفي الدولة، وعندما اشتدت الأصوات المعارضة لأفكار قاسم أمين المتحررة، والتي اتهمته البعض منها بالخروج من الدين، قام بتأليف كتاب جديد بعنوان "المرأة الجديدة"، للرد على معارضيه، وليبين لهم أن ما يدعو إليه ليس مخالفًا للشرائع الإسلامية، وإنما هي دعوة ضد العادات البالية، والأنماط الاجتماعية التي تتسبب بتأخير التقدم والتنمية، وفيما بعد ألّف قاسم كتابين هما "كلمات في الأخلاق"، و"كلمات في الأخلاق أو مداواة النفوس"، وذلك بهدف الرد أيضًا على من هاجم كتابه "تحرير المرأة".[٦]


كتاب تحرير المرأة

يُعد هذا الكتاب من أكثر الكتب التي أثارت الجدل في المجتمع المصري والعربي عند صدورها، فقد استعرض قاسم في هذا الكتاب الأوضاع الاجتماعية، والسياسية، والثقافية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وتأثيرها على حياة المرأة، فقد رأى قاسم أنّ هذه الأوضاع كانت السبب بفرض قيود على المرأة، وحرمانها من تأدية دورها في بناء المجتمع وارتقائه، كما تطرق قاسم إلى ما كانت تعانيه المرأة من ظلم وقهر اجتماعي نتيجة للعادات والتقاليد البالية، والفهم الخاطئ للشرائع الدينية.[٧]


وفاة قاسم أمين

توفي قاسم أمين في تاريخ 23-4-1908م، عن عمرٍ يناهز 45 عامًا، وقد رثاه العديد من كبار الشعراء والسياسيين أمثال حافظ إبراهيم، وخليل مطران، والزعيم سعد زغلول.[٣]

المراجع

  1. تفيدة سمير، وثائق قاسم أمين، صفحة 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "قاسم أمين"، مساواة، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.
  3. صادق فتحي دهكردي، سعيده ولي نواز جهزداني ، دراسة ونقد لآراء قاسم أمين عن الحجاب في كتاب تحرير المرأة، صفحة 4. بتصرّف.
  4. نهلة الحمصي، "قاسم امين"، الموسوعة العربية، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.
  5. "تحرير المرأة"، هنداوي، اطّلع عليه بتاريخ 18/8/2021. بتصرّف.